بروكسل - سبأ :
فشلت بريطانيا والاتحاد الأوروبي الاثنين في التوصل لاتفاق نهائي لمرحلة ما بعد بريكسيت وذلك عقب فشل الطرفين في تحقيق اختراق على مدى ثمانية شهور من المفاوضات، ، فيما حذر دبلوماسيون أنه يجب التوصل لأي اتفاق قبل قمة الاتحاد هذا الأسبوع.
ولا تزال النقاط العالقة بين الطرفين نفسها وهي: الصيد وشروط المنافسة العادلة والآلية المستقبلية لحل الخلافات.
وفي ظل تعثر المفاوضات، يتوجه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسن إلى بروكسل "خلال الأيام المقبلة" بعد اقتناع الطرفين بـ"عدم توافر الظروف للتوصل إلى اتفاق نهائي".
وأكد بيان مشترك لمكتب رئيس الوزراء البريطاني والمفوضية الأوروبية أن بوريس جونسون وأورسولا فون دير لاين أكدا، خلال اتصال هاتفي، على "عدم توافر الظروف للتوصل إلى اتفاق نهائي" بشأن مرحلة ما بعد بريكسيت.
وطلب المسؤولان من المفاوضين الإعداد "لاجتماع مباشر في بروكسل خلال الأيام المقبلة". وأكد متحدث باسم داونينغ ستريت أن جونسون عازم على زيارة بروكسل.
والتقى المفاوض الأوروبي بارنييه ونظيره البريطاني فروست مجددا الإثنين في بروكسل، بموجب الأنفاس الأخيرة من المفاوضات حول بريكسيت، قبل الرجوع لرئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس الوزراء البريطاني تواليا.
وتتوجه الأنظار إلى قمة الاتحاد الأوروبي الخميس حيث ستطرح مسودة اتفاق على زعماء الكتلة الـ27 أو سيتم الإقرار بالفشل.
وأبلغ المفاوض الأوروبي بارنييه الإثنين سفراء الدول الأعضاء الـ27 أنه لم يتمّ إحراز أي تقدم منذ استئناف المفاوضات الأحد التي استمرّت حتى منتصف الليل، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر دبلوماسية.
واتفق المسؤولان السبت على منح يومين إضافيين للمفاوضين للتوصل إلى اتفاق حول العلاقات في مرحلة ما بعد بريكسيت مع وجود أقل من شهر على انتهاء المرحلة الانتقالية في 31 ديسمبر.
ومنذ خروجها الرسمي من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير الماضي، لا تزال بريطانيا تطبق القواعد الأوروبية. إلا أن خروجها من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي سيُصبح فعلياً في نهاية الفترة الانتقالية في 31 ديسمبر الحالي.
وفي غياب اتفاق، ستخضع المبادلات التجارية بين لندن والاتحاد الأوروبي اعتبارا من الأول من يناير، لقواعد منظمة التجارة العالمية أي أنه سيتمّ فرض رسوم جمركية وحصص، ما يثير خطر حصول صدمة لاقتصادات ضعيفة أصلا بسبب أزمة وباء كوفيد-19.
وكان كبار المفاوضين عن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بدوا الأحد ما قد يكون آخر مسعى يمتد على يومين للتوصل إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد بريكسيت، عقب فشل الطرفين في التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف على مدى ثمانية شهور من مفاوضات بريكسيت.
وكان المفاوض البريطاني ديفيد فروست وصل الأحد إلى بروكسل لإجراء محادثات مع نظيره الأوروبي ميشال بارنييه، بعد توقف المفاوضات ليومين في أعقاب أسبوع شهد مجادلات تواصلت حتى ساعات متأخرة من الليل في لندن.
وقال فروست في تصريحات صحفية لدى وصوله إلى بروكسل "نعمل جاهدين في محاولة للتوصل إلى اتفاق. سنرى ما سيحدث في مفاوضات اليوم".
جونسون سيعمل على حشد تأييد القادة الأوروبيين
ومن المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي الـ27 في بروكسل الخميس في إطار قمة تستمر ليومين خُصّصت في الأساس للتعامل مع الخلاف في صفوف دول التكتل على الميزانية، ليخيّم عليها مجددا الآن القلق حيال بريكسيت.
معضلة السوق الأوروبية الموحدة
غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسميا في يناير ، بعد نحو أربع سنوات من استفتاء أحدث انقسامات في البلاد وبعد شهرين على فوز جونسون في انتخابات روّج فيها لما قال إن اتفاق بريكسيت "جاهز".
لكنها ملزمة بالسوق الأوروبية الموحدة، حيث لا يتم فرض رسوم، حتى انقضاء الفترة الانتقالية في نهاية العام، وهو الموعد النهائي الذي سيكون على الطرفين بحلوله التوصل إلى اتفاق بشأن طبيعة علاقتهما المستقبلية.
وقال وزير البيئة البريطاني جورج يوستيس لشبكة "سكاي نيوز" "إنه وضع صعب للغاية، لا جدوى من إنكار ذلك". وأضاف "سنواصل العمل على هذه المفاوضات إلى أن يصبح المضي قدما بها أمرا عديم الفائدة".
وما لم يتم التوصل إلى اتفاق، سيحتكم الجزء الأكبر من التجارة عبر المانش إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، وسيعاد تطبيق الرسوم الجمركية والحصص بعد عقود من التكامل الاقتصادي والسياسي العميق بين لندن ودول الاتحاد، حتى أصر جونسون على أن بلاده "ستزدهر بقوة" أيا تكن نتيجة المحادثات، لكنه سيواجه تداعيات سياسية واقتصادية كبيرة في حال لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق.
بدوره، صرّح رئيس الوزراء العمالي الأسبق غوردون براون لـ"سكاي نيوز" أنه "إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق الآن، فأرى تداعيات دولية هائلة ... لأننا سنكون في حرب اقتصادية مع أوروبا ستكلفنا كثيرا".
وبقيت العواصم الأوروبية موحدة في موقفها الداعم لبارنييه على مدى مفاوضات بريكسيت الصعبة. لكن بدأت تظهر بعض الانقسامات الداخلية مؤخرا.
وهددت فرنسا الجمعة باستخدام حق النقض ضد أي اتفاق لا يفي بمطالبها بشأن ضمان تجارة منصفة والوصول إلى مياه الصيد البريطانية، وهي أمور طالبت بأن يتم التوصل إلى اتفاق دائم بشأنها في حين تفضّل بريطانيا إعادة التفاوض عليها بشكل متكرر.
وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي كليمان بون لصحيفة "جورنال دو ديمانش": "نعرف أن الوصول بنسبة مئة في المئة إلى المنطقة البحرية للملكة المتحدة انتهت". وأضاف "لكننا نريد وصولا دائما. لا يمكن أن يكون للبريطانيين القدرة على الوصول بشكل كامل إلى السوق الأوروبية الموحدة واستثناء السمك".
ومن المقرر أن يقدّم بارنييه إيجازا لمندوبي الدول الأعضاء في التكتل في وقت مبكر الاثنين، في وقت تشاطر دول عدة باريس مخاوفها من احتمال تقديم الجانب الأوروبي الكثير من التنازلات، خصوصا في ما يتعلّق بقواعد التجارة المنصفة. وقال مصدر مطلع على المحادثات لوكالة الأنباء الفرنسية إن "أي شيء ممكن".