صنعاء – سبأ: مروان السياغي
صنعاء القديمة ، مدينة تتنفس الحياة من أسواقها ، الطواف بها والسعي في شوارعها وأزقتها متعة الزائرين ، تأتيهم الراحة ، عندما يتوزعون الوقوف على أبواب السماسر والمحلات التجارية ، ينجزون عمليات الشراء والبيع في حضرة السحر المعماري الفريد للمدينة.
مدينة صنعاء تدهش الناظر إليها ، وهو ما تساءل عنه الأديب والشاعر اليمني الكبير عبدالعزيز المقالح ، ما الذي يصنع الدهشة في عيون زائري مدينة صنعاء القديمة ، هل هو عطر التاريخ؟ أم شيخوخة الأحجار؟ هل هو نظام البناء؟ أم مادة البناء؟ وهل هو توهج الأيام الغابرة؟ أم طريقة التخطيط والترتيب؟.
سميت مدينة صنعاء بهذا الاسم كما تقول الدراسات والكتابات والأبحاث ، لشهرتها سابقا بالصناعات المختلفة وكثرة الحرف التي عرفت بها منذ قديم الزمان ، وهو ما يميز مدينة صنعاء القديمة وأسواقها المختلفة ، ومن هذه الصناعات صناعة السيوف والأواني الفخارية والأدوات الزراعية والمصنوعات الذهبية والفضية والجلدية والعقيق وسك النقود.
ويصل عدد الأسواق في مدينة صنعاء التاريخية إلى 45 سوق منها :
العنب – الملح – المسباغة – المحدادة – المنجارة – العسوب – الحلقة – المنقالة – الكوافي – المدايع – القص – السلب – البز – المعطارة – المخلاص الفضة – الذهب – الحب الحبوب – الزبيب – النظارة – الفتلة – المدر "الأواني الفخارية والحجرية" - البقر – العرج "الحمير" – الحناء – النحاس – السراجين – الصرافة – الختم – الجنابي – المعدن – الحطب – القشر.
أقدم أسواق الجزيرة العربية
يقول أحمد يحيى الديلمي الذي يعمل في حباكة المصاحف والكتب (إعادة تجليدها وترميمها) :"أسواق صنعاء قديمة قدم الحضارة اليمنية ، فهي موجودة منذ عهد الدولتين السبئية والمعينية وتعتبر أقدم أسواق في الجزيرة العربية".
ويشير الديلمي إلى أن أسواق صنعاء تميزت بتقسيم إداري محكم من قبل أهل السوق في منتصف القرن الماضي وتم تقسيمها حسب المهن والصناعات والأسواق التجارية , حيث أن كل سوق لا يتخطى عن السوق الآخر وهو المعمول به حتى يومنا هذا, ولكل سوق عاقل يهتم بشئون ومشاكل السوق وحلها إن وجدت.
ترابط وتكافل اجتماعي
يرى محمد أبو هاشم السواري - أحد معلمي صناعة رؤوس الجنابي (الخناجر اليمنية) في سوق صنعاء القديمة أن ما يميز تجار صنعاء عن غيرهم من التجار هو حرصهم على الترابط والتراحم الاجتماعي ، فالتاجر لا يقبل أي زبون آخر وجاره لم يبع أي شيء من الصباح ، حيث يتم رفض الزبون قائلاً له "لا يوجد الشيء المطلوب عندي ، حاجتك وطلبك لدى جاري " وذلك حتى يسترزق جاره و يعود إلى أسرته حاملا لهم مصاريف البيت وما يحتاجونه.
ويشير السواري إلى أنه يوجد أسواق ومحلات بدون أبواب يتم إغلاقها بتغطيتها بقطع كبيرة من القماش المقوى أو الطرابيل البلاستيكية ويهتم بها "شيخ الليل" وهو حارس يتم اختياره من قبل التجار في السوق لحسن أمانته وقوة تحمله للسهر اليومي وبمبلغ مالي يتم تجميعه منهم كأجر شهري.
انعاش للسياحة الداخلية
من جانبه يقول العزي أبو طالب ، أحد الفنيين في صناعة العقيق والخواتم بسمسرة النحاس , إن أسواق صنعاء كانت منتعشة من خلال السياحة الخارجية قبل الأحداث المتتالية على اليمن من أزمات وحصار وعدوان , وهاهي تنتعش من جديد بالسياحة الداخلية وتعيد النشاط بعد ركود طال أمده , ويضيف : أسواق صنعاء القديمة تستقبل كل المواطنين ، حيث يتحتم عليهم زيارة سوق الملح والتزود منه بكل الحاجات والأشياء التي يريدونها.
سماسر صنعاء
يشرح عمار أحمد سبأ ، صاحب محل للعسوب والجنابي والذي توارث المهنة أبا عن جد , أن السمسار المتواجدة بأسواق صنعاء والتي كانت في السابق تقوم بعمل الفنادق في الوقت الحالي والبعض مازالت كجمرك لأصناف معينة مثل جمرك الزبيب والقشر "القهوة والبن", قد تحولت إلى مراكز تجارية مثل سمسرتي الكبوس والرجوي والبعض إلى مراكز للفنون التشكيلية والحرف اليدوية وتسويق المشغولات النسوية وهي سمسار النحاس والمنصورة والذماري, وسماسر أخرى تم إعادتها كمساكن وبيوت أو مخازن للتجار مثل سمسرة سمينة بسوق المدر, ومنها على وشك الاندثار مثل سمسرة محمد بن الحسن التي تعرف ببيت المال أو المركز الرئيسي لاقتصاد اليمن لعقود طويلة وبمثابة البنك المركزي.
وعدد سبأ ، أسماء السماسر في مدينة صنعاء القديمة وهي ، المنصورة ، النحاس ، الذماري ، سمينة ، القوزي ، الكبوس ، الزراجي للقشر ، وردة وسمسرة جمرك الزبيب.
ولصنعاء القديمة سبعة أبواب لكنها اندثرت ولم يبق منها إلا باب واحد هو باب اليمن.
والأبواب هي:
باب اليمن ، باب السبح ، باب عامر ، باب البلقة ، باب شعوب ، باب القاع ، باب السلام .