عواصم- سبأ: فاطمة هاشم
بعد انتشار الأسطورة الإعلامية التي تقول إن الولايات المتحدة قد تمكنت من إنهاء مشكلة العنصرية، كما قال المتخصص الاجتماعي الأمريكي هانت الا ان ما حدث في مقاطعة فولتون بولاية جورجيا الأمريكية يوم امس الاحد ومن قبلها عملية قتل المواطن الأمريكي جورج فلويد التي اشعلت الشارع الامريكي تدل على أن الولايات المتحدة ما زالت تعاني من مشكلة التفرقة العنصرية.
وجاءت عملية قتل المواطن من اصل افريقي فلويد جرّاء المعاملة العنصرية التي مازال يحظى بها الملونون في الولايات المتحدة والتي هزت الشارع الامريكي وافاقته من اسطورة الديمقراطية في امريكا والمساواة والتي بعثت على التساؤل حول الأسباب والدوافع وراء هذه المعاملة التمييزية.
وأجج الوضع مقتل رجل آخر أمريكي من أصل أفريقي (رايشارد بروكس، 27 عاماً )بطلق ناري أثناء فراره من ضباط الشرطة في موقف سيارات أحد المطاعم في أتلانتا، في وقت متأخر الجمعة الفائتة،ما اثار الاحتجاجات مجددا في أتلانتا بعد أيام من مظاهرات في أنحاء العالم تنديدا بالعنصرية ووحشية الشرطة عقب وفاة الأمريكي الأسود جورج فلويد أثناء احتجازه في مدينة منيابوليس الأمريكية يوم 25 مايو.
وفي ذلك إدانة جديدة لاستخدام القوة المميتة من قبل الشرطة، وقال عضو ديمقراطي بارز في مجلس النواب إن سلوك بروكس "لم يستدع استخدام القوة القاتلة"، معبر عن تأييده لما جاء في بيان صادر عن عمدة أتلانتا.
وكانت قائدة شرطة المدينة قداستقالت، وطُرد الضابط المشتبه في قتله الرجل الأسود.
وتاريخ الولايات المتحدة مليء بهذه الحوادث العنصرية وغضب السود ضد سيادة البيض. بعد عشرات العقود من العزل العنصري وأكثر من عشرة أعوام من النضال تحت قيادة مارتن لوثر كينغ، تم إلغائه فخرجت مسيرة كبيرة للمطالبة بالحقوق المدنية في العام 1963.
لم يكن الزعيم الحقوقي الأمريكي ذو الأصول الإفريقية "مارثن كينج" يعلم أن حلمه سيتحول إلى كابوس بعد أكثر من نصف قرن من الزمان.
فكينج أشهر زعماء النضال ضد التمييز العنصري في أمريكا والذي مازالت خطاباته وآماله وأحلامه ببلد تساوي بين مواطنيها بغض النظر عن العرق والدين والجنس تتردد أصداؤها في جنبات الأرض كلما ذكرت حقوق الإنسان، لم يكن يدري أنه لن يحظى حتى بميتة عادلة.
صحيح أن جهاد الزعيم الأسود في خمسينيات القرن الماضي قد تمخض عن انتزاع السود قانون الحقوق المدنية، وحق الانتخاب، وقانون إنهاء التمييز العنصري ضد اللون أو الدين والمعتقد والجنس إلا أن التمييز لم ينقطع، ولجورج فلويد أشباه كثر.
و الستينيات شهدت الكثير من الإحتجاجات وأعمال شغب أدت الى القتل ،في واتس في العام 1965، وفي ديترويت في العام1967، ثم في العام 1968، إغتيال مارتن لوثر كينغ. خلف عشرات القتلى وآلاف الاعتقالات.و بعد ها حدث هدوء نسبي في السبعينيات والثمانينات.
ففي عام 1991 ضجت الولايات المتحدة بالاحتجاجات وأعمال الشغب بعد تبرئة المحاكم الأمريكية لضباط شرطة لوس أنجلوس الذين أبرحوا مواطناً أسود ضرباً دون وجه حق.
و تجدد الغضب في العام 1992 مع قضية رودني كينغ الذي تعرض للضرب من قبل أربعة ضباط شرطة من ذوي البشرة البيضاء أمام كاميرا أحد مصوري الفيديو الهواة، بعد القبض عليه بسبب تجاوز السرعة المقررة. وقد انتقل الفيديو ومدته عشرين دقيقة في مختلف أنحاء العالم . لكن بعد عام ، تم تبرئة الضباط الأربعة.
ثم في العام 2012 بعد مرور خمسة واربعين عاماً على مقولة مارتن لوثر كينغ” لدي حلم” ،
حصل ما لم يكن متوقعاً، الولايات المتحدة إنتخبت رئيساً اسوداً هو أوباما، إنتخاب رافقه الكثير من الأحلام بالنسبة للسود.
لكن إنتخابَ أوباما، لم يغير الولايات المتحدة جذريا. ففي العام 2012، قتل الشاب مارتن ترايفون برصاص الحارس المتطوع من أصول لاتينية.
وهذه هي الحادثة الوحيدة التي تحدث عنها أوباما قائلاً: «إذا كان لى ولد لكان يشبه ترايفون“، موضحاً ان الحادث قد يحمل طابعاً عنصرياً.
وكان الرئيس الامريكي السابق أوباما حينها يواجه انتقادات كثيرة بسبب الاشتباكات العنصرية في ولاية ميزوري، بين سود وشرطة أغلبيتها بيضاء.
وكما قال الخبير الاجتماعي الامريكي هانت،"لا نسمع عن حالات يتم فيها استهداف شباب بيض البشرة" في الولايات المتحدة، مضيفا: "ثمة رأي بأن الرجال السود يشكلون تهديدا ينبغي ترصده ومراقبته، ولكن في الواقع فإن البيض تكون لهم تجارب مختلفة عن السود لدى الشرطة".
ففي مدينة فيرغسون مثلا بلغت نسبة حالات التفتيش في صفوف السود 92% ووصلت نسبة الاعتقالات في أوساط سائقي السيارات من السود إلى 93%، في العام الماضي 2013، وذلك رغم أن الشرطة وجدت أن عدد المخالفات التي ارتكبها البيض (نسبتها 34%) أكثر بكثير من تلك التي ارتكبها السود (نسبتها 22 %). وهذا التفاوت في النِّسَب ليس حصريا على مدينة فيرغسون، بل يتجاوزها إلى مدن أخرى.
كما أن عدد حالات تفتيش الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية واللاتينية في شوارع نيويورك أكثر مقارنة بعدد حالات تفتيش الأمريكيين البيض.
ويقول هانت إن آباء الأطفال السود وأمهاتهم لا يكونون واثقين دائما من أن الشرطة لن تتعرض لأولادهم بالعنف. وتحاول هذه العائلات تجنب الاحتكاك بين أولادها والشرطة. وتطالب هذه العائلات المحاكم بمنع الشرطة من إجراء أية أعمال تفتيش بناءً على لون البشرة، وتطالب أيضا بتدابير أخرى كتوعية عناصر الشرطة أثناء فترة الدراسة.
بيد أن الإلغاء الرسمي للتمييز العنصري لا يضع حداً للمشاكل بين عشية وضحاها.