مريم.. قصة جسدٍ صغير يدفعه تجويع العدو الصهيوني للموت البطيءغزة - سبأ : على الرغم من أن عمرها تسعة أعوام، إلا جسدها يبدو لطفلةٍ ذات ثلاثة أو أربعة أعوامٍ . هناك في مدينة غزة، ترقد بمستشفى "أصدقاء المريض"، الطفلة مريم دواس؛ حيث يروي جوعها فصلًا من فصول مأساة أكثر من مليوني يجوّعون في إبادة جماعية يمارسها العدو الاسرائيلي في القطاع المحاصر. ترقد مريم، بجسدٍ نحيل لا يقوى على الحركة، أنهكه التجويع الذي يمارسه العدو الصهيوني، بحق أكثر من مليونين وأربعمائة ألف إنسان في القطاع الفلسطيني المحاصر، بشراكة أمريكية وتواطئ غربي وصمت دولي وإقليمي مريب. فقدت مريم أكثر من نصف وزنها خلال 22 شهراً من حرب الإبادة والتجويع الصهيونية المستمرة، وانخفض وزنها من 25 كيلوغراماً إلى نحو 10.5 فقط. بروز عظامها، وافتقارها للغذاء والرعاية والدواء، ليسا استثناءً بين أطفال غزة، لكنه يجعل من جسدها شاهداً مؤلماً، على واحدة من أقسى فصول التجويع والإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني على مرأى من العالم أجمع في التاريخ الحديث. تروي والدتها لوكالة "الأناضول" التركية معاناة مريم، رغم محاولاتها المتكررة لعلاجها عبر المستشفيات، وتوفير الحليب العلاجي والزبدة الطبية. والدتها المجوّعة أيضاً، هي نازحة من بيت لاهيا، وتُقيم في أحد مراكز الإيواء غرب المدينة، تصف كيف بدأت مريم تفقد وزنها تدريجياً، منذ أكثر من عام ونصف. بصوت أنهكه الخوف والقلق والجوع ايضاً، تضيف أم الطفلة الجوعى: "مريم تتلاشى أمامي، ولا أحد ينقذها، لم نعد نملك طعامًا ولا حليبًا علاجيًا". وتضيف "حتى حين تمكنا من إدخالها المستشفى الشهر الماضي، لم يتحسن وضعها، مكثت هناك شهراً كاملاً، تتلقى الحليب العلاجي، لكنها خرجت بذات الوزن والنحول". تشير "أم مريم" إلى أن المساعدات التي تدخل القطاع على رغم شحتها إلاّ أنها في الغالب لا تصل إلى مستحقيها، ويتم سرقتها وفق سياسةً ممنهجة ومدروسة يمارسها العدو الصهيوني، بشراكة أمريكية غربية . يؤكد تقرير صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم الاثنين، ارتفاع عدد ضحايا سياسة التجويع، التي يمارسها العدو الصهيوني، إلى 180 شهيدًا، من بينهم 93 طفلًا، مشيرًا إلى وفاة 5 مواطنين خلال آخر 24 ساعة فقط، نتيجة الجوع وسوء التغذية الحاد. بينما وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الوضع في غزة بالمأساوي، حذرت من أن الأطفال يموتون بمعدل "غير مسبوق" بفعل سياسة التجويع والإبادة. داخل غرفة صغيرة في المستشفى، تواصل مريم صراعها الصامت مع الموت جوعاً، فيما تجاهد والدتها "المجوّعة" هي الأخرى التمسك بالأمل. وتناشد العالم: هذه طفلة.. لا تستحق أن تموت بهذه الطريقة.. المساعدات حق لكل إنسان.. هل كنتم ستصمتون لو كان هذا في غير غزة.. لم لا تجبرون العدو على إيصالها إلينا؟! مأساة مريم ليست حالة فردية، أو ظاهرة في مجتمع، بل هي عنوان لإبادة أكثر من مليوني إنسان، على يد عدوٍ متوحش، حوّل التجويع سلاحاً آخر يقتل به شعباً بأسره، بشراكة أمريكية غربية، وتواطؤ إقليمي، وصمت دولي وإنساني مريب. ![]() |
|