"مصائد الموت".. نساء غزة في مواجهة الرصاص بحثًا عن الطحين
غزة – سبأ:
لم تكن تعلم "أم زهير" (55 عامًا) أن خروجها من بيتها في جباليا نحو نقطة لتوزيع المساعدات غرب رفح سيكون أشبه برحلة إلى "مصيدة موت".
كغيرها من نساء غزة، خرجت في طوابير طويلة تحت شمس حارقة، على أمل الحصول على حفنة دقيق تسد بها رمق أطفالها الجائعين منذ أيام، لكنها وجدت في انتظارها الغاز والرصاص والركل بدلًا من الغذاء.
في منطقة الشاكوش غرب مدينة رفح، كانت لافتة ضخمة تعلن "نساء غزة نحن في انتظاركن"، إلا أن الواقع كان مغايرًا تمامًا، إذ تقول أم زهير في حديث لوكالة "صفا": "وجدنا أربع طرود فقط لعشرات النساء، وحين اعترضنا على قلة المساعدات، رشّونا بغاز الفلفل، ثم بدأ إطلاق النار وسقطت إحدى النساء شهيدة وأصيبت أخريات".
تحوّلت نقطة توزيع المساعدات إلى ساحة قنص، حيث اضطرت النسوة إلى الركض والهرب خوفًا من الموت، في مشهد وصفته أم زهير بـ"يوم القيامة".
تضيف وهي تبكي: "خرجت بحثًا عن طعام لصغاري، فزوجي كفيف ولا يستطيع إعالتنا، لكنني عدت بجسدٍ مهدود وروح مكسورة".
وتفرض قوات العدو الإسرائيلي حصارًا مشددًا على غزة منذ 2 مارس الماضي، مانعة دخول الغذاء والدواء والوقود، مما فاقم المجاعة ونشر الموت بين السكان، خصوصًا النساء والأطفال.
"أم إسماعيل" (56 عامًا) بدورها، لم تنجُ من المشهد، تقول: "ذهبت للحصول على الطعام لي ولزوجي، لا نملك شيئًا. لم أتصور أن أُهان بهذا الشكل، لقد عدت برصاصة في قدمي اليسرى".
وتؤكد أن النساء تعرضن لنفس ما يحدث مع الرجال من عنف لفظي وبدني، ووصفت ما حدث بأنه "إهانة ممنهجة".
ووفق وزارة الصحة في غزة، فإن "شهداء لقمة العيش" بلغ عددهم حتى الآن 1,179 شهيدًا، وأكثر من 7,957 إصابة، في واحدة من أقسى الأزمات الإنسانية التي تمر على القطاع.
ما تعيشه نساء غزة اليوم في مراكز المساعدات ليس فقط معركة من أجل الغذاء، بل صراع يومي من أجل الكرامة والحياة، في ظل تجاهل دولي شبه تام لما يتعرض له المدنيون المحاصرون.