
صنعاء – سبأنت:
وجه السيد عبدالملك الحوثي، مساء اليوم، كلمة إلى جماهير الشعب اليمني العظيم، بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك أهله الله على امتنا بالخير واليمن والبركات.
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم ..
وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه ونجيبه خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين ورضي الله عن صحبه الأخيار المنتجبين ..
شعبنا اليمني العزيز أيها الإخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدايةً نتوجه بالتهاني والتبريكات لشعبنا اليمني العزيز ولأمتنا الإسلامية بمناسبة قدوم الشهر الكريم شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والخيرات والمبرات، وهذا الشهر العظيم هو منحةٌ إلهيةٌ لعباد الله، ومحطةٌ تربويةٌ ذات أهمية كبرى، وهو أيضاً موسم من مواسم الخير والعمل الصالح والقربة إلى الله سبحانه وتعالى، وقد أتى هذا الشهر المبارك في ظل مرحلة حساسة وظروف استثنائية وعواصف عصفت بأمتنا الإسلامية خصوصاً في منطقتنا العربية من الأحداث الجسام والمشاكل الكبرى، ويمكن الاستفادة من هذا الشهر المبارك في مواجهة ما تعانيه الأمة من مشاكل كبيرة لأن منشأ الاختلال الذي يتسبب بمشاكل كبيرة في واقع البشر وسبب المعاناة الكبيرة ونشؤ المظالم منشأ الاختلالات سببان رئيسيان:
الأول: هو الاختلال في الوعي .
والثاني: هو الاختلال التربوي.
الاختلال في الوعي عندما ينطلق الإنسان من مفاهيم خاطئة ومغلوطة يبني عليها المواقف ويتفرع منها الكثير من التصرفات، هنا فعلاً تحدث المظالم وتحدث الاختلالات ويختل الإنسان في تصرفه فلا ينطلق في الحياة من منطلق الحق وعلى أساس من العدل والقيم والأخلاق.
كذلك الاختلال التربوي حتى لو كان الإنسان واعياً أو فاهماً يعرف أنه في الموقف الخطأ وفي التصرف الظالم وأنه منحرفٌ عن جادة الصواب، ولكنه مع ذلك نتيجة اختلال تربوي وأخلاقي وقيمي ينطلق دون مبالاة؛ إما بدافع الهوى، إما بدافع العصبية، أو أيٍ من المؤثرات الأخرى، هذا الشهر الكريم فيه معالجة رئيسية لهذه الأسباب الرئيسية التي تؤثر على البشر في واقعهم، في تصرفاتهم، في مواقفهم التي تسبب لهم الكثير من المشاكل، فهو شهر نزول القرآن الكريم الذي قال الله فيه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} والقرآن الكريم هو أعظم وأهم وأقدس مصدرٍ للوعي من خلاله نكسب البصيرة والفهم الصحيح والتقييم الصحيح والرؤية الصحيحة في كل ما في الواقع من حولنا من أحداث ومواقف وتصرفات، وما ينبغي أن نكون عليه من موقع المسؤولية، وهذه مسألة مهمة والله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: { قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} ولو أن البعض قد يحاول أن يضلل الآخرين، أو يزيّف آرائهم ومفاهيمهم من خلال التحريف للمفاهيم القرآنية لكنه مفضوحٌ ومكشوف، إضافةً إلى ما يتعلق بالاختلال التربوي، الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم عن صيام شهر رمضان: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، لعلكم تتقون عاملاً مهماً في تزكية نفسه، في تطهير قلبه، في تهذيب توجهاته وسلوكياته وتصرفاته، وعاملاً مهماً في تعزيز الإرادة وتقوية الانضباط لدى الإنسان والتحكم بهوى نفسه ورغبات نفسه ومواجهة المؤثرات من حوله؛ لذلك لو يتم التعاطي من الجميع مع هذا الشهر الكريم بمسؤوليةٍ وبوعي لأمكن الاستفادةُ منه بشكل كبير في حل الكثير من المشاكل التي تستعصي وتتعقد نتيجةً إما لمفاهيم مغلوطة أو نتيجةً لأهواء، لأهواء لعصبيات، لاعتبارات من العوامل المساعدة على الانحراف، اعتبارات سيئة وغير إيجابية ولا صالحة هذا جانب.
وهذا الشهر الكريم هو أيضاً فرصة لمراجعة الحسابات، وهذه من أهم المسائل التي تفتقر إليها الأمة، مراجعة الحسابات، تقييم المواقف، ويحتاج إليها الإنسان حتى على المستوى الفردي حتى لا ينزلق في متاهة أو انحرافات خَطِرة تؤثر عليه في مستقبله عند الله سبحانه وتعالى.
كما يفترض اغتنام هذا الشهر المبارك من كل المؤمنين على مستوى الدعاء وعلى مستوى العمل وعلى مستوى العناية بالفئات المحتاجة.
هذا الشهر هو موسم عظيم للدعاء؛ الإنسان فيه كلما زاد تقرباً إلى الله وعنايةً بصلاح نفسه وصلاح عمله، والاستقامة في توجهاته هو يزداد قرباً من الله سبحانه وتعالى، وأمتنا اليوم بكل ما عصفت بها من مشاكل وأخطار وتحديات وما تواجهه من صعوبات هي بحاجة إلى الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يعين أن ينصر أن يفرج...إلى آخره، كذلك على المستوى العملي لما فيه رضى الله، في ما فيه قربة إلى الله سبحانه وتعالى من أعمال الخير والأعمال الصالحة هي فرصة ثمينة لأن الأعمال تضاعف فيما يكتب الله عليها من أجر، في ما يحققه الله عليها من النتائج حتى في الدنيا وفي الآخرة أيضاً، فهو موسم للمبرات والخيرات، يفترض أن يزداد الإنسان فيه إقبالاً إلى العمل الصالح واهتماماً بالعمل الصالح.
إضافة إلى ذلك العناية بشكل كبير بالفئات المحتاجة نتيجة للحروب والمشاكل الكبيرة والظروف الاقتصادية المأساوية التي تمر بها الأمة خصوصاً في البلدان والشعوب التي فيها أحداث كبيرة وحروب ومشاكل، هناك الكثير من المحتاجين والمعانين والمتضررين، الكثير من الأُسَر التي هي بحاجة حتى إلى وجبة الطعام وبحاجة إلى القوت الضروري، بحاجة إلى المتطلبات الأساسية للحياة، وهنا مسؤولية كبيرة على كل من لديهم سعة ويقدرون على أن يقدّموا وأن يعطوا وأن يبذلوا وأن ينفقوا وفي ذلك خير لهم { وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُه}.
الله سبحانه وتعالى هو الذي يبارك وهو الذي يخلف، وهو الذي يعطي، وهو الرزاق ذو القوة المتين، فمن المهم في مثل هذا الشهر الكريم أن يكون هناك التفاتة جادة إلى كل الفئات المحتاجة، أُسَر الشهداء، الجرحى، الفقراء بشكل عام، والمحتاجين والمرضى كل الفئات المحتاجة والعناية والاستغلال لهذا الموسم بعمل الخير، بالعمل الصالح وتقديم الخير.
هذا الشهر الكريم أيضاً له عطاؤه الإيماني والمعنوي الكبير والمهم ويمثل طاقة عظيمة ومهمة في مواجهة الصعوبات مهما كانت، والجانب المعنوي هو جانبٌ أساسي جداً في مواجهة التحديات والأخطار والصعوبات وأهم عامل في هذا الجانب؛ الجانب المعنوي هو الإيمان الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والإيمان بالحق، الإيمان بالقضية العادلة هذا يعطي الإنسان أملاً متجدداً وحيوية عالية، واندفاعاً كبيراً في مواجهة التحديات من موقع المسؤولية وفي الاتجاه الصحيح، في الاتجاه الصحيح في مواجهة البغي في مواجهة العدوان في مواجهة الظلم في مواجهة الطغيان في مواجهة الأشرار بكل شرهم وإجرامهم، ولذلك بقدر ما هناك من تحديات بقدر ما هناك من أخطار بقدر ما هناك من مشاكل من المهم لكل مسلم ومسلمة أن يحرص على أن يتزود من هذا الشهر المبارك الزاد الإيماني وأن يحرص على أن يكسب منه الطاقة الإيمانية المعنوية العالية لمواجهة مشاكل الحياة وتحدياتها وما فيها من الأخطار.
وهنا أيضاً ولشعبنا اليمني العزيز الذي يواجه عدواناً بربرياً وحشياً إجرامياً هذا العدوان السعودي الأمريكي الذي تقف معه أيضاً إسرائيل، هذا العدوان الإجرامي الذي لا يعطي حرمة لأي شيء أبداً يستهدف الجميع أطفالاً كباراً، وصغاراً، رجالاً ونساءً، يستهدف الحياة بكل ما في الحياة من مقوماتها ومقدراتها.
إن شعبنا اليمني العظيم الذي صمد بالرغم من أنه كان يعاني ولا يزال في الفترة الماضية، وحاضراً، كان يعاني بشكل كبير من ظروف اقتصادية صعبة من معاناة كبيرة، من مشاكل كثيرة، كانت قوى العدوان ذاتها هي وراء تلك المشاكل إنما توجت كل ما عملته بشعبنا طيلت المراحل الماضية كل تلك الاعتداءات المشاكل التي هي صنيعتها، فعلها، تآمرها، مكرها، كيدها، استهدافها الذي لم يكن قد توقف، عندما توجت كل ذلك بهذا العدوان الكبير، بعد أن فشلت وبعد أن أدركت أن شعبنا اليمني في طريقه إلى التغلب على أدواتها التي كانت من خلالها تمارس ما تمارسه بحق شعبنا اليمني العظيم من فساد ونهب ومن إخلال بالأمن والاستقرار إلى غير ذلك.
شعبنا اليمني العظيم صمد منذ بداية العدوان بالرغم من حجم العدوان الكبير، بالرغم من أن قوى العدوان استخدمت كل ما تقدر عليه من وسائل التدمير والقتل، ومن وسائل الإبادة، واستهدفت كل شيء في هذا البلد، الإنسان وكل مقدرات حياته. ولكن شعبنا اليمني بالرغم من كل ذلك صمد وثبت واستمر في صموده، وأهم عامل لهذا الصمود وهذا الثبات في مواجهة هذا الخطر الكبير، وهذا العدوان الهائل بكل إمكاناته الهائلة، هو اعتماد هذا الشعب على الله سبحانه وتعالى.
قوى البغي العدوان هي تتكل على ما لديها من إمكانيات، وما لديها من دعم ومساندة على المستوى الدولي، أما شعبنا اليمني العظيم فإن كل اعتماده هو على الله، وعلى الله فقط، وكلُّ رهانه وكل آماله متوجهة إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا عامل قوةٍ مهم جداً، وسيظل شعبنا اليمني هكذا مهما استمر العدوان سيستمر شعبنا في اعتماده على الله؛ لأنه يمن الإيمان، وهل نتوقع من يمن الإيمان أو من الشعب اليمني المؤمن المسلم إلا أن يكون دائم الاعتماد على الله دائم التوكل على الله سبحانه وتعالى ملتجأ إليه مراهناً عليه مستعينا به { وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}.
أيضاً شعبنا اليمني العظيم يستمد هذا الصمود وهذا الثبات من رصيده القيمي والأخلاقي الكبير والعظيم، هو شعب مؤمن وبالتالي هو شعب عزيز صامد شامخ أبيّ لا يقبل بالإذلال، لا يقبل بالهوان، لا يركع إلا لله، لا يخضع إلا لله، لا ينحني أمام الصعوبات والأحداث مهما كانت؛ لأنه تعوّد وتربى إيمانياً على ألا ينحني إلا لله، ولا يخضع إلا له سبحانه وتعالى.
فالرصيد الإيماني والقيمي والأخلاقي لهذا الشعب العظيم، يمن الأوس والخزرج، يمن الأنصار، يمن الإيمان، هو عاملٌ مهم وأساسي أيضاً في صمود هذا الشعب، وفي ثباته، وفي مواجهته للتحديات، وأيضاً هذا الصمود نابع من وعي شعبنا اليمني بمظلوميته، هو يدرك ويعي جيداً أنه شعب مظلوم، ومظلوميته واضحة أوضح من الشمس في رابعة النهار، شعبنا اليمني العزيز العظيم مظلوميته بيّنة، تأتي قوى أخرى لا شأن لها بهذا الشعب، يأتي النظام السعودي الجائر الظالم تحت توجيه أمريكا، تحت راية أمريكا، تحت مباركة إسرائيل، وتشجيع إسرائيل، وحث إسرائيل، ودفع إسرائيل ليعتدي على هذا البلد معلنا وصايته على هذا الشعب، يريد أن يفرض إرادته، وليست إرادة في الحقيقة له. نحن طالما قلنا أن النظام السعودي ليس لديه أجندة له، له تخصه من بيته. لا. هو دائماً يتحرك بأجندة الآخرين، ومَنْ هم الآخرون؟ أمريكا وإسرائيل. أنا أقطع يقيناً أن هذا النظام لا يمتلك بالأساس أي أجندة له، هو يؤدي دوراً مرسوماً له في المنطقة، ويؤديه كخادم للآخرين، كأداة بيد الآخرين يتحركون بها في المنطقة، وضد هذه الشعوب بكلها وفي المقدمة شعبنا اليمني العزيز.
هذا النظام الجائر يأتي ليعتدي بكل وحشية علينا كيمنيين، كل مواطن يمني حر وشريف وأبي ممن لم تستميله الإغراءات والأطماع والأهوال ليبيع نفسه ووطنه؛ كل الأوفياء كل الأحرار في هذا البلد يدركون أن ما يفعله النظام السعودي بحقنا كشعبٍ يمني هو ظلمٌ، عدوانٌ، إجراميٌ لا شرعية له، لا مبرر له أبداً، أبداً.
وأمام ظلمٍ كهذا بوحشية كبيرة بإجرامٍ بشع لا مناص أبداً ولا خيار أبداً أمام شعبنا إلا الصمود وإلا الثبات وإلا الإباء وإلا العزة.
الخيار الآخر أمام شعبنا الخضوع الانحناء الاستسلام الركوع لقوى البغي والعدوان الخنوع لها الاستسلام لها هذا غير واردٍ لدى شعبنا اليمني العزيز بحكم مبادئه، بحكم قيمه، بحكم أخلاقه، بحكم عزته وإبائه، فشعبنا اليمني العزيز هو يعي أنه مظلوم معتدى عليه بغير حق أبداً، بغير شرعية أبداً، عدوان متصلف أحمق جائر، وبغيٌ صريحٌ واضح لا غبار عليه واضح بكل وضوح، وشعبنا اليمني العزيز يعي طبيعة المؤامرة عليه. ما الذي يريده أولئك منه؟ الأمريكيون، الإسرائيليون، النظام السعوديون؟ هذا ثلاثي الشر، ثلاثي الإجرام، ثلاثي الخطر على مستوى العالم، منشأ كل الشر في العالم، هذا الثلاثي الإجرامي أمريكا إسرائيل والسعودية، وذلك بما لديه من أموال. الأمريكيون والإسرائيليون هم يستغلون ما لدى النظام السعودي من أموال ما لديه من إمكانات ويسخرونها في نشر الشر في كل أقطار العالم، وفي المقدمة المنطقة العربية.
هذا الثلاثي ما الذي يريده هذا الثلاثي الإجرامي المتوحش منشأ الشر في المنطقة، منشأ المشاكل في المنطقة، منشأ المؤامرات في المنطقة، ما الذي يريدوه منا كشعب يمني؟ ما الذي يعنيه من أمرنا، نحن كيمنيين، كشعب يمني نحن المعنيون بأمرنا، نحن المعنيون بتقرير مصيرنا؟ ما لأولئك من حق في أن يتدخلوا في شؤوننا، وأن يفرضوا إرادتهم علينا؟ وهل بدافع خير أو بدافع مصلحة أو بمشروعية أو بحق يتدخلون في شؤوننا؟ لا. همّهم واضح، ومؤامرتهم مكشوفة وواضحة، تدمير هذا البلد، وتركيع هذا الشعب وإخضاعه وإذلاله وقهره وإهانته، وإلحاق الأذى به، وارتكاب الجرائم بحقه، ومن ثم دفعه إلى الاستسلام، ومن ثم دفعه إلى الاستسلام والهيمنة الكاملة عليه وعلى أرضه ومقدراته وموقعه الجغرافي، واستغلالها حسب ما يشاؤون يريدون، ودون أن ينعم، حتى لو استسلم، حتى لو ركع حتى لو خنع، حتى لو كانت أدواتهم ودُمَاهُم هي التي تتحكم على هذا الشعب، وعلى رقاب هذا الشعب، وبامتهان وبفقر وبأذى وبدون أن ينعم باستقرار ولا بأمن ولا بأي شيء. وبالتالي وعي هذا الشعب بحقيقة المؤامرة عليه يجعله يدرك قيمة صموده، قيمة ثباته، أنْ هذا الثبات وهذا الصمود هو يحمي شعبنا يحفظ له كرامته حتى لا يكون مهاناً وذليلاً وخانعاً، يحمي له عزته حتى لا يكون مستذلاً، ويحمي له استقلاله حتى لا يكون محتلاً، ويحمي له أيضاً مستقبله، وإن عانى في الحاضر لتنعم أجياله المستقبلية والقادمة بالعزة والرفاه والخير.
الوعي بالمؤامرة الفظيعة والإجرامية والسيئة جداً يدفع شعبنا هذا للصمود، وهو يعي قيمة وأهمية هذا الصمود، أنه خياره الحتمي والاستراتيجي والذي لا بديل عنه. البديل ما هو؟ البديل هو الهوان، البديل هو الضياع، البديل هو الخزي، البديل هو الامتهان، البديل هو الغرق في وحل الشر والأشرار، والخضوع المطلق لهيمنتهم، وأن يدوسوا هذا الشعب. هذه كلها منظومة أو مجموعة من العوامل المهمة التي تعزز صمود هذا الشعب بدءًا من ثقته بالله، واعتماده على الله وإيمانه بالله، وتوكله على الله، وهو يرى في هذا مصدر القوة بإيمانه بأن الله القوي العزيز القادر على نصره، والذي وعد عباده المستضعفين والمظلومين بالنصر إن هم هم تحققت لديهم الإرادة وتحركوا في الموقف اللازم، في إطار المسئولية في مواجهة الظلم والطغيان، ثم العدوان بحد ذاته، وبكل ما رافقه، وبكل ملابساته، هو ما يزيد من وعي شعبنا، وعيه أولاً بحقيقة أعدائه، شعبنا اليمني اليوم يعرف من هي أمريكا، يعرف حقيقة أمريكا، وأكثر من أي وقت مضى، يعرف أن ما تحكيه أمريكا عن الديمقراطية وعن حقوق الإنسان، وعن غير ذلك أنها مجرد شعارات فارغة المضمون، وأساليب لخداع الشعوب المستضعفة، يعرف حقيقة الخطر الذي تمثله إسرائيل ليس فقط على شعب فلسطين، وشعبنا اليمني كان ولا يزال وسيظل متضامناً كل التضامن مع القضية الفلسطينية كقضية تعنيه؛ لأنه شعب واعٍ وينطلق في إطار مسؤولية أوسع، يحمل هم أمته ككل، ويستشعر مسؤوليته تجاه أمته ككل، ولكن شعبنا اليوم يدرك أيضاً أن إسرائيل تمثل خطراً في المنطقة بكلها؛ لأن دور إسرائيل في هذا العدوان هو دورٌ واضحٌ مؤكد وبارز، دور ملموس. إسرائيل شاركت فعلياً خلال سلاح جوها، من خلال خبرائها الذين يعملون مع النظام السعودي، ومع الخبراء الأمريكيين، خبراء عسكريين إسرائيليين، هذا بات واضحاً ومؤكداً. الموقف الإسرائيلي على المستوى السياسي والإعلامي، ثم على بقية المستويات، ومن ضمن ذلك المشاركة العسكرية بأي شكل، بأي مستوى، بات واضحا ومؤكداً، ويؤكد لشعبنا اليمن العزيز أن إسرائيل تمثل خطراً على المنطقة وأنها ضالعة ولاعبة أساسية في كل المؤامرات في المنطقة، ولها دور أساسي في كل المؤامرات في المنطقة.
ووعيٌ كبير أيضاً تجاه النظام السعودي الجائر والعميل الخائن لأمته، والمتآمر على أمته الإسلامية، وعلى منطقته العربية، والذي يلعب دوراً سيئاً وسلبياً للغاية في خدمة الأمريكيين وخدمة الإسرائيليين الذين يوهمونه أنه مستفيدٌ من تآمره معهم على أمته، ومن تعاونه معهم على شعوب المنطقة، وهو واهم، هو خاسرن هو في نهاية المطاف هو خاسر؛ لأنهم حينما يستغنون عنه لن يتورعوا أبداً ولن يترددوا أبداً أن يفعلوا به ما فعلوا بغيره، من كل الأدوات التي لعبت أدواراً في المنطقة أو غيرها، أدواراً لمصلحتهم وحين الاستغناء عنها استهدفوها، أو تركوها وفرطوا بها.
والنظام السعودي الذي يمارس هذا الإجرام بحق شعبنا اليمني العزيز لم يرعَ حرمة للجوار، فكان جار السوء الذي آذى جيرانه واعتدى على جاره، وكان أيضاً المعتدي بغير وجه حق على شعبٍ مسلمٍ عزيزٍ من أنبل وأشرف، وخير الشعوب في العالم، الشعب اليمني يمن الإيمان، يمن القيم، يمن الحضارة. ووحشيته وإجرامه الكبير بحق هذا الشعب، في ظل عدوانهن وهو يستهدف الأطفال، فيقتل المئات من الأطفال، يقتل النساء، يستهدف الأحياء السكنية يستهدف القرى الريفية، يستهدف الطرقات والجسور يستهدف المطارات والموانئ، يستهدف المستشفيات والمدارس، يستهدف كلَّ مقدرات الحياة، {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ}، هذا هو إفسادٌ في الأرض، إن لم يكن الإفساد في الأرض هكذا فكيف هو يكون الإفساد في الأرض؟ وبالتأكيد هذه الجرائم البشعة لا تعبر عن قوة، لا تعبر عن قوة، أن يأتي هذا النظام ليرمي بالقنابل الأمريكية، والصواريخ الأمريكية، مستهدفاً الأحياء السكنية فيقتل المئات من الأطفال ويجرح المئات من الأطفال، ويقتل المئات من النساء ويجرح الآلاف من النساء، يستهدف العزل، ويستهدف الآمنين في مساكنهم، هذا لا يعبر أبداً بأي حال من الأحوال عن قوة، يعبر عن نزعة إجرامية، عن شر، يعبر عن فئة، عن جهة لا تمتلك أي رصيد لا من الإنسانية، ولا من القيم، ولا من الأخلاق، ولا تمتلك أي قدر ولو بحد ضئيل من الإحساس بالمسؤولية، لا تعبر بأي حال من الأحوال عن قوة.
إذا كنتم تزدادون غروراً، وينفخ فيكم الشيطان روح الكبر، وأنتم تلقون قنابلكم الأمريكية والصواريخ الأمريكية على هذا الشعب، في مُدُنِه وقُراه، وأنتم تشاهدون المشاهد التي تنشرها القنوات الفضائية لأشلاء الأطفال والنساء فتشعرون وكأنكم أقوياء؛ لأنكم أصبحتم ذوو قدرة على قتل الأطفال، ذوو قدرة على قتل النساء، هذا لا يدل على قوةٍ أبداً. هذا هو العجز، هذا هو الضعف، هذا هو الإجرامُ بعينه، هذا هو الطغيان بذاته، ولا يشرفكم ذلك، صحيح أنتم منذ بداية العدوان ولحد اليوم قتلتم وجرحتم الآلاف من الأطفال والنساء، هذا رصيدكم، أصبحت لكم صفحة سوداء في تاريخ الإنسانية، هذه الصفحة السوداء القاتمة تعبر عن هذا الإجرام البشع بحق شعبنا اليمني العزيز، هذا إنجازكم.
هذا الإجرام وهذا العدوان هو يزيد شعبنا اعتماداً على الله، والتجاءً إلى الله، وتوكلاً على الله، وهو يزيد شعبنا اندفاعاً للعمل والتصدي للعدوان. وفعلاً من النتائج المهمة لهذا العدوان، لهذا الإجرام الوحشي أن الكثير يحس بالمسؤولية داخل بلدنا. أن الأحرار والشرفاء عندما يشاهدون ما تعملونه بأبناء شعبهم، من يشاهد مشهداً واحداً من تلك الجرائم وفيه ضمير، ولديه إحساس بالمسؤولية بالتأكيد يتحرك إلى الميدان للتصدي هذا العدوان. والآلاف انطلقوا نتيجة هذا الإجرام، وهذه الوحشية، وهذا الطغيان الذي ترتكبونه بحق هذا الشعب، الآلاف انطلقوا بفعل ذلك نتيجةَ أفعالكم، نتيجةَ جرائمكم انطلقوا إلى ميادين القتال للتصدي للعدوان، سواءً في الجبهة الداخلية في التصدي للعملاء والخونة والمرتزقة الذين باعوا أنفسهم ووطنهم وشعبهم نتيجة مالكم. وإلى الثغور للتصدي لأي عدوان أو غزو يستهدف البلد، فكلما ازددتم إجراماً، وكلما ازداد طغيانكم، وكلما ازدادت وقاحتكم واستهتاركم بهذا الشعب كلما اندفع الآلاف والآلاف من أحرار الشعب إلى ميادين القتال، من لم يكن لديه دافعٌ في السابق أصبح لديه اليوم اندفاع كبير. كيف لا يندفع من يشاهد بأم عينيه تلك الجرائم البشعة التي تستفز مشاعر الإنسان حتى أنها تحيي في نفس الإنسان روح المسؤولية حتى لو كان ميتاً فيما سبق، لو لم يكن الإنسان يمتلك روح المسؤولية ما يشاهده من جرائم بشعة من طغيان كبير، بل البعض يرى أنه عُرْضةٌ للقتل إن بقي في منزله، إن بقي في مدينته، إن بقي في قريته هو عُرضةٌ للقتل، فالأفضل له أن يذهب إلى ميدان القتال شريفاً عزيزاً حراً في إطار المسؤولية، ويتصدى للعدوان، فإذا استشهد يلقى الله في ميدان القتال في ميدان الثبات مدافعاً عن شعبه، مدافعاً عن وطنه، مدافعاً عن بلده، متصدياً للظالمين والعملاء والجائرين والبغاة، فكلما ازداد هذا العدوان في جرائمه ووحشيته وكلما استمر كلما كان حافزاً مهماً يدفع الكثير لأن يدركوا مسؤوليتهم، ويدفع الكثير إلى أن يتحركوا إلى ميدان القتال، مراهنين على الله، مدركين أنه لا يفيدهم إلا الرهان على الله، والتحرك الجاد في الميدان.
كذلك التحرك على بقية المستويات، شعبنا اليمني يتحرك على كل المستويات، من يتحرك في الميدان ليقاتل متصدياً للعملاء والخونة والمرتزقة وللقاعدة. ومن يتحرك إلى الثغور يتصدى لقوى قرن الشيطان، ومن يتحرك في الجبهة الإعلامية، من يتحرك في الجبهة السياسية، من يتحرك في الجبهة الإنسانية على شتى المستويات في الجانب الصحي، في جانب الرعاية الإنسانية، في الجوانب الأخرى في كل الاتجاهات وهذا المستوى من صمود شعبنا ومن ثباته هو فعلاً أربك المعتدين وفاجأهم، هم لم يكونوا يتوقعوا أن يصمد شعبنا هذا الصمود وأن يثبت هذا الثبات، هم كانوا يراهنون أنه منذ بدية العدوان، ومع بطشهم وجبروتهم وإجرامهم سينهار هذا الشعب ويستسلم، ومن ثم يحققون مؤامرتهم الكبيرة وأي مؤامرة، مؤامرة خطرة جداً.
أنا أقول متأكداً من صحة ما أقول أنه لولا صمود الشعب وثباته لكان الوضع مختلفاً تماماً؛ لأن أولئك المعتدين لم يكونوا ليتورعوا عن أي شيء، وهذا ثبت، جرائمهم الفظيعة والبشعة التي يمارسونها منذ بداية العدوان إلى اليوم تشهد شهادة دامغة وقوية على أنهم ما كانوا ليتورعوا عن أن يفعلوا بهذا الشعب، وتجاه هذا البلد أي شيء، كل شيء كان وارداً، بالتالي كان الاحتلال لبلدنا مسألة واردة، مسألة واردة وهم طرحوا احتمال الغزو البري وما يزال مطروحاً. كانوا سيحتلون هذا البلد، كان هذا البلد سيقسم على المعتدين لكلٍ حصته، حصة لأمريكا تنشئ فيها قواعد عسكرية، وحصة للقاعدة تقيم فيها إمارات لها وولايات ومن تلك المسميات، وحصة للنظام السعودي، وحصة لإسرائيل، وبالتأكيد سيجعلون من الجزر اليمنية كانوا سيجعلون منها حصة لإسرائيل سيعطونها نصيبها غير منقوص بكل ما تمثله من أهمية لديهم. وقد تجلى الآن وبشكل كبير ويتجلى يوماً بعد يوم، وتجاه المؤامرات في كل فصل جديد من فصول المؤامرة في المنطقة يتجلى ويتضح ويظهر إلى العلن التحالف الوثيق بين النظام السعودي وإسرائيل، ومدى الارتباط الوثيق للنظام السعودي مع إسرائيل، سيتجلى أكثر وأكثر، ولربما ينكشف ما تندهش به شعوب المنطقة عن هذا الارتباط الوثيق، لحد الآن تجلت أشياء كبيرة وخطيرة وظهرت إلى العلن. وبالتالي هذا الصمود حفظ لشعبنا بلده، لكان البلد اليوم ممزقاً؛ جزءٌ منه تحت مسمى معين، ولاية من ولايات القاعدة، جزء منه للنظام السعودي، جزء منه لأمريكا، جزرٌ من جزره لإسرائيل، ولكن هذا الصمود هو الذي حفظ هذا البلد، ولربما من أهم ما تجلى في هذا العدوان حقيقة مهمة وخطيرة يجب أن يعيها شعبنا جيداً حتى للمستقبل أن هناك أطماع حقيقية وفعلية كبيرة وخطيرة في هذا البلد، ومؤامرات كبيرة تستهدف هذا الشعب، هناك فعلاً أطماع حقيقة في بلدنا. هم يريدونه، إنما كانوا يريدون من دُمَاهُم وأدواتهم في الداخل أن تنجز لهم كل شيء، ولكن بالتالي عندما فشلت تدخلوا بشكل مباشر.
أيضاً من أهم ما تجلى في ظل هذا العدوان الإجرامي والوحشي أن القاعدة ليست سوى أداة من أدوات أولئك البغاة المعتدين، أداة بيد أمريكا، أداة لصالح إسرائيل، أداة للنظام السعودية. أن مثلث الشر الإجرامي هو الذي صنع القاعدة، وهو الذي يستغل هذه الصنيعة في المنطقة بشكل عام وفي بلدنا على وجه الخصوص. اليوم أصبغوا لقباً جديداً على القاعدة في البلد، ومنحوها لقباً جديداً سموها المقاومة الشعبية مع أنهم لا يحبذون في الأصل اسم المقاومة، لهم موقف من المقاومة اللبنانية، ولهم موقف من المقاومة الفلسطينية، هو اسم غير محبذ، فيا ترى ما هو السر أن يسموا القاعدة في اليمن بهذا المسمى؟ بالتأكيد هم يؤسسون لمسميات جديدة وصنائع جديدة ومسارات جديدة في المنطقة، سيكون من يخدم إسرائيل ويعمل ما تريده إسرائيل، وما تريده أمريكا وبتمويل من السعودية هو الذي يحمل ألقاباً جديدة من هذا النوع في سعيهم إلى قلب الأمور والمفاهيم والحقائق.
إن ما يمارسه النظام السعودي والأمريكيون على رأس هذا العدوان إضافة إلى الدور الإسرائيلي فيه من جرائم هي خزي وعار ولا تمثل أي قوة، وكلما استمر هذا العدوان بما فيه من جرائم وحشية هو خزي وعار للنظام السعودي في المقدمة، وللأمريكيين الإسرائيليين شركاؤه في العدوان.
و هنا نؤكد بأنه أحياناً يقال أن النظام السعودي يشعر بالحرج أن يوقف عدوانه الآن وأنه يحتاج أن يحفظ لنفسه ماء الوجه، أي ماء وجه مع هذه الجرائم البشعة، أي ماء وجه مع هذا العدوان بكل ما فيه من طغيان وجبروت تجاه الشعب اليمن عزيز؟ لقد أهرق ماء وجهه منذ عدوانه، منذ بداية العدوان، عدوانه بحد ذاته سوّد وجهه، وسوّد صفحته، لتكون مسودةً وقاتمة، ولتكون من أسود الصفحات للأنظمة والقوى الظالمة.
إن الذي يمثل خزياً وعاراً هو الاستمرار في العدوان وليس وقفه، إذا كان يريد لنفسه شيئاً من الحفاظ على ماء وجهه فليوقف عدوانه، الاستمرار في العدوان هو العار وهو الخزي أما وقفه هو المفترض.
أيضاً الاستمرار في هذا العدوان هو يؤكد طبيعة الدور الذي يلعبه هذا النظام في المنطقة، سواءً من تمويل الفتن أو بشكل مباشر، أكبر مستفيد منه هو إسرائيل، أكبر مستفيد منه هو إسرائيل، النظام السعودي ذاته ليس مستفيداً من هذا العدوان أبداً..أبداً. هو أولاً على مستوى الاستنزاف الاقتصادي أنفق أموالاً طائلة جداً، واستغلته كل الأطراف حتى على نوع مخزٍ، لقد جعلوا منه ألعوبة وبقرةً حلوباً، الكل يحاول أن يأخذ ما استطاع وكل شيء بثمن، المواقف السياسية التي تطلقها أي دولة أو كيان في دول العالم لصالح العدوان هي مدفوع الثمن. كل شيء مدفوع الثمن؛ سياسياً إعلامياً أيضاً ما يضخه إلى الداخل من أموال لتحريض مرتزقة وعملاء مبالغ هائلة جداً بالتأكيد لها آثار مستقبلية على الاقتصاد هناك لديهم، فهو غير مستفيد حقيقةً هو كاسب مكاسب سلبية عكسية، بل كلما استمر العدوان كلما كانت له نتائج عكسية عليهم؛ لذلك ليس من مصلحتهم أن يستمر هكذا كألعوبة يستغلهم الكثير من الأطراف لأخذ الأموال.
هنا أيضاً على مستوى الوضع في الداخل هناك معاناة حقيقة نتيجة الدور الذي تلعبه القاعدة في البلد ولم يكن دوراً جديداً. في الماضي كان دوراً بارزاً بتمويل كبير ودعم كبير، ولكن اليوم انكشفت الكثير من الحقائق، إلى جانب الدور الذي تقوم به القاعدة مدعومة بالمال والسلاح من النظام السعودي، والحماية السياسية من الأمريكيين وغيرهم، حتى أنهم يطالبوا اليوم بإخلاء المدن لصالح القاعدة. مَنْ غير القاعدة يستفيد اليوم من اخلاء المدن ومؤسسات الدولة التي يحميها الشعب اليوم! اليوم يقولون للشعب اليمن سلّم المدن، سلمها لمن؟ للقاعدة بالتأكيد، وإن كانت بألقاب جديدة؟ سلم منشآت الدولة، سلم ما بقي من سلاح الجيش، حتى الجيش اليمني مطلوب منه أن يسلّم إمكاناته للقاعدة؛ ولذك هذا الدور السلبي أيضاً يقف إلى جانبه البعض ممن تغريهم الأموال الهائلة، ولكنها مهما كانت هي ثمنٌ قليل، مَنْ يبيع نفسه ويبيع إنسانيته ويبيع وطنه ويبيع شعبه مقابل شيء من المال مهما كان هو خاسر، صفقته خاسرة، وما قدمه أكثر مما كسب، حينما تخسر إنسانيتك أنت تخسر كل شيء، وبالتأكيد لا يتعاون من داخل البلد مع هذا العدوان إلا من قد فَقَد إنسانيته، وارتضى لنفسي أن يكون شريكاً في كل تلك الجرائم بما فيها جرائم القتل والإبادة للأطفال والنساء، وجريمة تدمير كل مقدرات و إمكانات هذا البلد، التي هي لأبنائه كلهم، المطارات والموانئ أليست هي لليمنيين كل اليمنيين، خزانات المياه التي للمدن أليست لليمنيين؟ وهكذا كل بقية المنشآت الاقتصادية لليمنيين وبالتالي من يتآمر على أبناء شعبه على أبناء جلدته على بلده هو خاسر، هو خائن، هو خائب، وليس مستفيداً مهما جنى من المال، المال سينتهي سينتهي مهما كان، لكن عندما خسرت إنسانتيك وشعبك وبلدك هذه هي الخسارة الحقيقية إضافةً إلى ما يجنيه الإنسان من مسئولية تجاه الله سبحانه وتعالى .
ما تقوم به البعض من القوى السياسية التي رأت أن تكون مؤيدة للعدوان؛ لأنها كانت منذ البداية تتحرك وفق أجندة لصالح الخارج، وإنما انكشفت الآن بشكل أكبر هو عار وخيانة وطنية ولا مبرر له. من يراهن على تحقيق مكاسب سياسية نتيجة وقوفه مع العدوان ضد شعبه هو يستفز هذا الشعب، ولهذا تداعيات بالتأكيد حتى مستقبلية، وهذه مسألة خطرة جداً، لأن الإنسان الذي تستميله الأطماع والأهواء لينحاز في موقف الباطل، في موقف الطغيان، مع المجرمين ضد بلده، ضد شعبه، ضد أمته هو خاسر في الدنيا وخاسر في الآخرة، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} ليس فقد مبلغ سعودي من النظام السعودي حتى لو أعطوك كل عائدات نفطهم المسألة أنك لو حزت ما في الأرض جميعاً ما في الأرض جميعاً وليس فقط قليل من المال السعودي{وَمِثْلَهُ مَعَهُ} ما في الأرض جميعاً {وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}، وأي إنسانيةٍ أو ضمير أو أخلاق أو قيم لمن يقف عدوان يرتكب كل هذه الجرائم، ماذا سيقول لله تجاه هذه الجرائم، تجاه الأطفال والنساء تجاه شعب، كم يقتل من الناس والأبرياء الذين ليس لهم أي دور في مشاكل داخلية حتى، بالتالي الجريمة كبيرة جداً، فالرهان على العدوان من بعض القوى السياسية هو رهان خاسر، ورهان الخارج على من باعوا وطنهم وشعبهم وبلدهم وإنسانيتهم وشرفهم وعرضهم وأرضهم هو أيضاً رهانٌ خاسر، رهان خاسرين على خاسرين ولن يوصلهم إلى نتيجة.
وبات من الواضح على المستوى الوضع الداخلي والمشكل السياسي في البلد أنه لا حل إلا بالحوار، هذه قضية كانت بديهية، وكان الحوار قائماً، والعدوان هو الذي أوقف الحوار، بل بعد إكمال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بما خرج به من مخرجات، مَنْ الذي عطل تنفيذ تلك المخرجات؟ واضح أنهم المعتدون الذين يعتدون اليوم، هم من كان وراء تعطيل مخرجات الحوار الوطني وصولاً إلى ما حصل من تداعيات نتيجةً لبقاء مخرجات الحوار الوطني حبيسة الأدراج، كان لذلك تداعيات ونتائج، وكان لتدهور الأوضاع مع أنه كان الذي يسيطر على مقاليد الأمور في البلد ويمسك بالدولة كانت دُمى أولئك، دمى بيد أولئك، ولكن حتى تلك الدمى لم يريدوا لها النجاح، لم يعينوها بما يخدم شعبها لأنهم لا يريدون أن يقدموا للشعب اليمني أي شيء نهائياً، فحتى في ظل الهيمنة، وسيطرة دماهم على مقاليد الحكم ما الذي قدموه لهذا البلد؟ لا شيء. كانت الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءًا، وجرع بعد جرع، والوضع الأمني كان يزداد سوءًا، والتفكك لمؤسسات الدولة كانت تزداد وتيرته، هذا الذي كان حاصلاً في البلد، تداعيات نتج عنها ثورة شعبة، الثورة الشعبية تكللت باتفاق السلم والشركة، اتفاق باركه مجلس الأمن والأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، ومجلس الوزراء السعودي، بعد ذلك قاموا بالانقلاب على اتفاقية السلم والشراكة، والتآمر عليها، ومحاولة الالتفاف على ما تضمنته من بنود، لينشأ عن ذلك تداعيات من جديد، ويعود الحوار من جديد، بعد استقالة المستقيل هادي، والحكومة المستقيلة؛ ليبدأ حوار من جديد، ثم يقومون هم بشن عدوانهم، ويعطلون الحوار، ويوقفوه من جديد، ويتورطون في هذا العدوان الإجرامي البشع، معنى هذا أنهم لا يريدون لهذا البلد أمناً ولا استقراراً لا سياسياً ولا أمنياً ولا اقتصادياً، وأنهم يريدوا أن يخضعوا هذا البلد دائماً لهيمنتهم وفي ظل وضعية غير مستقرة، إنما تحت السيطرة والتحكم، تحت سيطرتهم وتحكمهم، وفوضى تحت السيطرة هذا الذي يريدونه لبلدنا ولشعبنا.
اليوم بات جلياً دورهم في الانقلاب على اتفاقية السلم والشراكة ومحاولتهم الالتفاف عليها، اليوم يحاولون بشكل واضح ومكشوف أن يلتفوا على اتفاق السلم والشراكة أن يزيحوه بعد أن اعترفوا به بكلهم، والأهم من ذلك أنه اتفاق وقعته كل القوى السياسية في البلد، لكن مع ذلك هم اعترفوا به ورحبوا به، وأطلقوا بيانات وقرارات ومواقف كانت مرحبة ومؤيدة ومعترفة بهذا الاتفاق واليوم يحاولون الالتفاف عليه.
اليوم يعود الحديث عن الحوار، قبل هذا الموعد كان هناك موعد سابق في جنيف، من الذي التف على محاولات الحوار الأخيرة، من الذي سعى إلى تأجيل الحوار، ولأي سببٍ سعى، معروف أنه النظام السعودي ومعه الأمريكيون والإسرائيليون سعوا هم لتأجيل الحوار في جنيف لارتكاب المزيد من الجرائم، لتنفيذ المزيد من الأجندة، لإثارة المزيد من الفوضى، وفي نهاية المطاف وافقوا من جديد على الحوار ولكن بعد ماذا؟ بعد أن قللوا من مستواه وأهميته فحولوه إلى اجتماع تشاوري وليس اجتماعاً لحوار جاد يوصل إلى حل؛ لأن المطلوب بالنسبة لهم ليس الحل، الحل متاح. ليس هناك ما يعيق الحل السياسي في البلد، المسألة سهلة ومتاحة، كانت القوى السياسية مشرفة على الوصول إلى اتفاق ناجز وكامل وتام، ولكن هم أفشلوا كل شيء وشنوا عدوانهم، وبالتالي اليوم هم عملوا أن يكون الاجتماع في جنيف مجرد اجتماع تشاوري، حاولوا أن يفرضوا عليه أجندتهم، تعاملوا مع الأمم المتحدة ومع مبعوثها الجديد كأداة بأيديهم، يقدمون له الأجندة، يصدرون له الأوامر، يقدمون له التوجيهات، يشتغلون بأسلوب الترغيب والترهيب على تطويعه؛ لكي يعمل لهم ما يشاؤون ويريدون، كله سعي لتعطيل أي نتائج جادة وسليمة وصحيحة تفضي إلى حل حقيقي للوضع السياسي في البلد، وبالتالي ما الذي يريدونه؟ يريدون فوضى في البلد، يريدون إذلالاً للشعب، يريدون أن ينهار هذا البلد هذا كل الذي يريدونه، ونحن نقول اليوم اتركوا للأمم المتحدة حياديتها، واتركوا لها قدراً من الحيادية لنجاح مهمتها، اتركوا سعيكم الدائم لتطويع مبعوثها الجديد تارة بالترغيب وتارة بالترهيب والحملات الإعلامية، اتركوا له قدراً من الحرية كي يبقى حراً يؤدي وظيفته بحيادية، وبالتالي الحل السياسي هو سيفيد حتى في خروجكم من مأزقكم، أنتم أصبحتم اليوم تواصلون عدوانكم بدون أفق، بدون نتيجة وبدون ثمرة.
أما لشعبنا اليمني العزيز فأقول له كل الرهان هو على الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه والتحرك الجاد، التحرك المسؤول في كل الميادين، في جبهات القتال لمواجهة المعتدين، على المستوى السياسي والإعلامي والإنساني، على كل المستويات فلذلك نحن جميعاً معنيون في كل الاتجاهات أن نواصل تحركنا، لأن هذا قدرنا، هذا خيارنا، خيارنا كشعب مسلم خيارنا كشعب شهد له الرسول بالإيمان، خيارنا كشعب حضاري عزيزٍ يمتلك رصيداً عظيماً من القيم والأخلاق والتاريخ، خيارنا الذي لا بديل عنه إلا الهوان والذل والخزي، ولنثق بالله تعالى بالصمود والتوكل على الله والثبات والتحرك الجاد، ومن دون تواكل لا أحد يكل دوره إلى أحد كل منا يتحمل مسؤوليته، ويتحرك فيما يمكنه أن يتحرك فيه، هذا الذي سيفيد، هذا بالتأكيد الذي سيكون له النتيجة السليمة والعاقبة الصحيحة، والفرج قادم والنصر قادم لشعبنا طالما كان متوكلاً على الله ويعي مسؤوليته، ويتحرك في مسؤوليته كما ينبغي.
نسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والنصر لشعبنا العزيز وأن يجعل دائرة السوء على المعتدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
سبأ
وجه السيد عبدالملك الحوثي، مساء اليوم، كلمة إلى جماهير الشعب اليمني العظيم، بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك أهله الله على امتنا بالخير واليمن والبركات.
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم ..
وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه ونجيبه خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين ورضي الله عن صحبه الأخيار المنتجبين ..
شعبنا اليمني العزيز أيها الإخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدايةً نتوجه بالتهاني والتبريكات لشعبنا اليمني العزيز ولأمتنا الإسلامية بمناسبة قدوم الشهر الكريم شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والخيرات والمبرات، وهذا الشهر العظيم هو منحةٌ إلهيةٌ لعباد الله، ومحطةٌ تربويةٌ ذات أهمية كبرى، وهو أيضاً موسم من مواسم الخير والعمل الصالح والقربة إلى الله سبحانه وتعالى، وقد أتى هذا الشهر المبارك في ظل مرحلة حساسة وظروف استثنائية وعواصف عصفت بأمتنا الإسلامية خصوصاً في منطقتنا العربية من الأحداث الجسام والمشاكل الكبرى، ويمكن الاستفادة من هذا الشهر المبارك في مواجهة ما تعانيه الأمة من مشاكل كبيرة لأن منشأ الاختلال الذي يتسبب بمشاكل كبيرة في واقع البشر وسبب المعاناة الكبيرة ونشؤ المظالم منشأ الاختلالات سببان رئيسيان:
الأول: هو الاختلال في الوعي .
والثاني: هو الاختلال التربوي.
الاختلال في الوعي عندما ينطلق الإنسان من مفاهيم خاطئة ومغلوطة يبني عليها المواقف ويتفرع منها الكثير من التصرفات، هنا فعلاً تحدث المظالم وتحدث الاختلالات ويختل الإنسان في تصرفه فلا ينطلق في الحياة من منطلق الحق وعلى أساس من العدل والقيم والأخلاق.
كذلك الاختلال التربوي حتى لو كان الإنسان واعياً أو فاهماً يعرف أنه في الموقف الخطأ وفي التصرف الظالم وأنه منحرفٌ عن جادة الصواب، ولكنه مع ذلك نتيجة اختلال تربوي وأخلاقي وقيمي ينطلق دون مبالاة؛ إما بدافع الهوى، إما بدافع العصبية، أو أيٍ من المؤثرات الأخرى، هذا الشهر الكريم فيه معالجة رئيسية لهذه الأسباب الرئيسية التي تؤثر على البشر في واقعهم، في تصرفاتهم، في مواقفهم التي تسبب لهم الكثير من المشاكل، فهو شهر نزول القرآن الكريم الذي قال الله فيه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} والقرآن الكريم هو أعظم وأهم وأقدس مصدرٍ للوعي من خلاله نكسب البصيرة والفهم الصحيح والتقييم الصحيح والرؤية الصحيحة في كل ما في الواقع من حولنا من أحداث ومواقف وتصرفات، وما ينبغي أن نكون عليه من موقع المسؤولية، وهذه مسألة مهمة والله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: { قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} ولو أن البعض قد يحاول أن يضلل الآخرين، أو يزيّف آرائهم ومفاهيمهم من خلال التحريف للمفاهيم القرآنية لكنه مفضوحٌ ومكشوف، إضافةً إلى ما يتعلق بالاختلال التربوي، الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم عن صيام شهر رمضان: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، لعلكم تتقون عاملاً مهماً في تزكية نفسه، في تطهير قلبه، في تهذيب توجهاته وسلوكياته وتصرفاته، وعاملاً مهماً في تعزيز الإرادة وتقوية الانضباط لدى الإنسان والتحكم بهوى نفسه ورغبات نفسه ومواجهة المؤثرات من حوله؛ لذلك لو يتم التعاطي من الجميع مع هذا الشهر الكريم بمسؤوليةٍ وبوعي لأمكن الاستفادةُ منه بشكل كبير في حل الكثير من المشاكل التي تستعصي وتتعقد نتيجةً إما لمفاهيم مغلوطة أو نتيجةً لأهواء، لأهواء لعصبيات، لاعتبارات من العوامل المساعدة على الانحراف، اعتبارات سيئة وغير إيجابية ولا صالحة هذا جانب.
وهذا الشهر الكريم هو أيضاً فرصة لمراجعة الحسابات، وهذه من أهم المسائل التي تفتقر إليها الأمة، مراجعة الحسابات، تقييم المواقف، ويحتاج إليها الإنسان حتى على المستوى الفردي حتى لا ينزلق في متاهة أو انحرافات خَطِرة تؤثر عليه في مستقبله عند الله سبحانه وتعالى.
كما يفترض اغتنام هذا الشهر المبارك من كل المؤمنين على مستوى الدعاء وعلى مستوى العمل وعلى مستوى العناية بالفئات المحتاجة.
هذا الشهر هو موسم عظيم للدعاء؛ الإنسان فيه كلما زاد تقرباً إلى الله وعنايةً بصلاح نفسه وصلاح عمله، والاستقامة في توجهاته هو يزداد قرباً من الله سبحانه وتعالى، وأمتنا اليوم بكل ما عصفت بها من مشاكل وأخطار وتحديات وما تواجهه من صعوبات هي بحاجة إلى الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يعين أن ينصر أن يفرج...إلى آخره، كذلك على المستوى العملي لما فيه رضى الله، في ما فيه قربة إلى الله سبحانه وتعالى من أعمال الخير والأعمال الصالحة هي فرصة ثمينة لأن الأعمال تضاعف فيما يكتب الله عليها من أجر، في ما يحققه الله عليها من النتائج حتى في الدنيا وفي الآخرة أيضاً، فهو موسم للمبرات والخيرات، يفترض أن يزداد الإنسان فيه إقبالاً إلى العمل الصالح واهتماماً بالعمل الصالح.
إضافة إلى ذلك العناية بشكل كبير بالفئات المحتاجة نتيجة للحروب والمشاكل الكبيرة والظروف الاقتصادية المأساوية التي تمر بها الأمة خصوصاً في البلدان والشعوب التي فيها أحداث كبيرة وحروب ومشاكل، هناك الكثير من المحتاجين والمعانين والمتضررين، الكثير من الأُسَر التي هي بحاجة حتى إلى وجبة الطعام وبحاجة إلى القوت الضروري، بحاجة إلى المتطلبات الأساسية للحياة، وهنا مسؤولية كبيرة على كل من لديهم سعة ويقدرون على أن يقدّموا وأن يعطوا وأن يبذلوا وأن ينفقوا وفي ذلك خير لهم { وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُه}.
الله سبحانه وتعالى هو الذي يبارك وهو الذي يخلف، وهو الذي يعطي، وهو الرزاق ذو القوة المتين، فمن المهم في مثل هذا الشهر الكريم أن يكون هناك التفاتة جادة إلى كل الفئات المحتاجة، أُسَر الشهداء، الجرحى، الفقراء بشكل عام، والمحتاجين والمرضى كل الفئات المحتاجة والعناية والاستغلال لهذا الموسم بعمل الخير، بالعمل الصالح وتقديم الخير.
هذا الشهر الكريم أيضاً له عطاؤه الإيماني والمعنوي الكبير والمهم ويمثل طاقة عظيمة ومهمة في مواجهة الصعوبات مهما كانت، والجانب المعنوي هو جانبٌ أساسي جداً في مواجهة التحديات والأخطار والصعوبات وأهم عامل في هذا الجانب؛ الجانب المعنوي هو الإيمان الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والإيمان بالحق، الإيمان بالقضية العادلة هذا يعطي الإنسان أملاً متجدداً وحيوية عالية، واندفاعاً كبيراً في مواجهة التحديات من موقع المسؤولية وفي الاتجاه الصحيح، في الاتجاه الصحيح في مواجهة البغي في مواجهة العدوان في مواجهة الظلم في مواجهة الطغيان في مواجهة الأشرار بكل شرهم وإجرامهم، ولذلك بقدر ما هناك من تحديات بقدر ما هناك من أخطار بقدر ما هناك من مشاكل من المهم لكل مسلم ومسلمة أن يحرص على أن يتزود من هذا الشهر المبارك الزاد الإيماني وأن يحرص على أن يكسب منه الطاقة الإيمانية المعنوية العالية لمواجهة مشاكل الحياة وتحدياتها وما فيها من الأخطار.
وهنا أيضاً ولشعبنا اليمني العزيز الذي يواجه عدواناً بربرياً وحشياً إجرامياً هذا العدوان السعودي الأمريكي الذي تقف معه أيضاً إسرائيل، هذا العدوان الإجرامي الذي لا يعطي حرمة لأي شيء أبداً يستهدف الجميع أطفالاً كباراً، وصغاراً، رجالاً ونساءً، يستهدف الحياة بكل ما في الحياة من مقوماتها ومقدراتها.
إن شعبنا اليمني العظيم الذي صمد بالرغم من أنه كان يعاني ولا يزال في الفترة الماضية، وحاضراً، كان يعاني بشكل كبير من ظروف اقتصادية صعبة من معاناة كبيرة، من مشاكل كثيرة، كانت قوى العدوان ذاتها هي وراء تلك المشاكل إنما توجت كل ما عملته بشعبنا طيلت المراحل الماضية كل تلك الاعتداءات المشاكل التي هي صنيعتها، فعلها، تآمرها، مكرها، كيدها، استهدافها الذي لم يكن قد توقف، عندما توجت كل ذلك بهذا العدوان الكبير، بعد أن فشلت وبعد أن أدركت أن شعبنا اليمني في طريقه إلى التغلب على أدواتها التي كانت من خلالها تمارس ما تمارسه بحق شعبنا اليمني العظيم من فساد ونهب ومن إخلال بالأمن والاستقرار إلى غير ذلك.
شعبنا اليمني العظيم صمد منذ بداية العدوان بالرغم من حجم العدوان الكبير، بالرغم من أن قوى العدوان استخدمت كل ما تقدر عليه من وسائل التدمير والقتل، ومن وسائل الإبادة، واستهدفت كل شيء في هذا البلد، الإنسان وكل مقدرات حياته. ولكن شعبنا اليمني بالرغم من كل ذلك صمد وثبت واستمر في صموده، وأهم عامل لهذا الصمود وهذا الثبات في مواجهة هذا الخطر الكبير، وهذا العدوان الهائل بكل إمكاناته الهائلة، هو اعتماد هذا الشعب على الله سبحانه وتعالى.
قوى البغي العدوان هي تتكل على ما لديها من إمكانيات، وما لديها من دعم ومساندة على المستوى الدولي، أما شعبنا اليمني العظيم فإن كل اعتماده هو على الله، وعلى الله فقط، وكلُّ رهانه وكل آماله متوجهة إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا عامل قوةٍ مهم جداً، وسيظل شعبنا اليمني هكذا مهما استمر العدوان سيستمر شعبنا في اعتماده على الله؛ لأنه يمن الإيمان، وهل نتوقع من يمن الإيمان أو من الشعب اليمني المؤمن المسلم إلا أن يكون دائم الاعتماد على الله دائم التوكل على الله سبحانه وتعالى ملتجأ إليه مراهناً عليه مستعينا به { وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}.
أيضاً شعبنا اليمني العظيم يستمد هذا الصمود وهذا الثبات من رصيده القيمي والأخلاقي الكبير والعظيم، هو شعب مؤمن وبالتالي هو شعب عزيز صامد شامخ أبيّ لا يقبل بالإذلال، لا يقبل بالهوان، لا يركع إلا لله، لا يخضع إلا لله، لا ينحني أمام الصعوبات والأحداث مهما كانت؛ لأنه تعوّد وتربى إيمانياً على ألا ينحني إلا لله، ولا يخضع إلا له سبحانه وتعالى.
فالرصيد الإيماني والقيمي والأخلاقي لهذا الشعب العظيم، يمن الأوس والخزرج، يمن الأنصار، يمن الإيمان، هو عاملٌ مهم وأساسي أيضاً في صمود هذا الشعب، وفي ثباته، وفي مواجهته للتحديات، وأيضاً هذا الصمود نابع من وعي شعبنا اليمني بمظلوميته، هو يدرك ويعي جيداً أنه شعب مظلوم، ومظلوميته واضحة أوضح من الشمس في رابعة النهار، شعبنا اليمني العزيز العظيم مظلوميته بيّنة، تأتي قوى أخرى لا شأن لها بهذا الشعب، يأتي النظام السعودي الجائر الظالم تحت توجيه أمريكا، تحت راية أمريكا، تحت مباركة إسرائيل، وتشجيع إسرائيل، وحث إسرائيل، ودفع إسرائيل ليعتدي على هذا البلد معلنا وصايته على هذا الشعب، يريد أن يفرض إرادته، وليست إرادة في الحقيقة له. نحن طالما قلنا أن النظام السعودي ليس لديه أجندة له، له تخصه من بيته. لا. هو دائماً يتحرك بأجندة الآخرين، ومَنْ هم الآخرون؟ أمريكا وإسرائيل. أنا أقطع يقيناً أن هذا النظام لا يمتلك بالأساس أي أجندة له، هو يؤدي دوراً مرسوماً له في المنطقة، ويؤديه كخادم للآخرين، كأداة بيد الآخرين يتحركون بها في المنطقة، وضد هذه الشعوب بكلها وفي المقدمة شعبنا اليمني العزيز.
هذا النظام الجائر يأتي ليعتدي بكل وحشية علينا كيمنيين، كل مواطن يمني حر وشريف وأبي ممن لم تستميله الإغراءات والأطماع والأهوال ليبيع نفسه ووطنه؛ كل الأوفياء كل الأحرار في هذا البلد يدركون أن ما يفعله النظام السعودي بحقنا كشعبٍ يمني هو ظلمٌ، عدوانٌ، إجراميٌ لا شرعية له، لا مبرر له أبداً، أبداً.
وأمام ظلمٍ كهذا بوحشية كبيرة بإجرامٍ بشع لا مناص أبداً ولا خيار أبداً أمام شعبنا إلا الصمود وإلا الثبات وإلا الإباء وإلا العزة.
الخيار الآخر أمام شعبنا الخضوع الانحناء الاستسلام الركوع لقوى البغي والعدوان الخنوع لها الاستسلام لها هذا غير واردٍ لدى شعبنا اليمني العزيز بحكم مبادئه، بحكم قيمه، بحكم أخلاقه، بحكم عزته وإبائه، فشعبنا اليمني العزيز هو يعي أنه مظلوم معتدى عليه بغير حق أبداً، بغير شرعية أبداً، عدوان متصلف أحمق جائر، وبغيٌ صريحٌ واضح لا غبار عليه واضح بكل وضوح، وشعبنا اليمني العزيز يعي طبيعة المؤامرة عليه. ما الذي يريده أولئك منه؟ الأمريكيون، الإسرائيليون، النظام السعوديون؟ هذا ثلاثي الشر، ثلاثي الإجرام، ثلاثي الخطر على مستوى العالم، منشأ كل الشر في العالم، هذا الثلاثي الإجرامي أمريكا إسرائيل والسعودية، وذلك بما لديه من أموال. الأمريكيون والإسرائيليون هم يستغلون ما لدى النظام السعودي من أموال ما لديه من إمكانات ويسخرونها في نشر الشر في كل أقطار العالم، وفي المقدمة المنطقة العربية.
هذا الثلاثي ما الذي يريده هذا الثلاثي الإجرامي المتوحش منشأ الشر في المنطقة، منشأ المشاكل في المنطقة، منشأ المؤامرات في المنطقة، ما الذي يريدوه منا كشعب يمني؟ ما الذي يعنيه من أمرنا، نحن كيمنيين، كشعب يمني نحن المعنيون بأمرنا، نحن المعنيون بتقرير مصيرنا؟ ما لأولئك من حق في أن يتدخلوا في شؤوننا، وأن يفرضوا إرادتهم علينا؟ وهل بدافع خير أو بدافع مصلحة أو بمشروعية أو بحق يتدخلون في شؤوننا؟ لا. همّهم واضح، ومؤامرتهم مكشوفة وواضحة، تدمير هذا البلد، وتركيع هذا الشعب وإخضاعه وإذلاله وقهره وإهانته، وإلحاق الأذى به، وارتكاب الجرائم بحقه، ومن ثم دفعه إلى الاستسلام، ومن ثم دفعه إلى الاستسلام والهيمنة الكاملة عليه وعلى أرضه ومقدراته وموقعه الجغرافي، واستغلالها حسب ما يشاؤون يريدون، ودون أن ينعم، حتى لو استسلم، حتى لو ركع حتى لو خنع، حتى لو كانت أدواتهم ودُمَاهُم هي التي تتحكم على هذا الشعب، وعلى رقاب هذا الشعب، وبامتهان وبفقر وبأذى وبدون أن ينعم باستقرار ولا بأمن ولا بأي شيء. وبالتالي وعي هذا الشعب بحقيقة المؤامرة عليه يجعله يدرك قيمة صموده، قيمة ثباته، أنْ هذا الثبات وهذا الصمود هو يحمي شعبنا يحفظ له كرامته حتى لا يكون مهاناً وذليلاً وخانعاً، يحمي له عزته حتى لا يكون مستذلاً، ويحمي له استقلاله حتى لا يكون محتلاً، ويحمي له أيضاً مستقبله، وإن عانى في الحاضر لتنعم أجياله المستقبلية والقادمة بالعزة والرفاه والخير.
الوعي بالمؤامرة الفظيعة والإجرامية والسيئة جداً يدفع شعبنا هذا للصمود، وهو يعي قيمة وأهمية هذا الصمود، أنه خياره الحتمي والاستراتيجي والذي لا بديل عنه. البديل ما هو؟ البديل هو الهوان، البديل هو الضياع، البديل هو الخزي، البديل هو الامتهان، البديل هو الغرق في وحل الشر والأشرار، والخضوع المطلق لهيمنتهم، وأن يدوسوا هذا الشعب. هذه كلها منظومة أو مجموعة من العوامل المهمة التي تعزز صمود هذا الشعب بدءًا من ثقته بالله، واعتماده على الله وإيمانه بالله، وتوكله على الله، وهو يرى في هذا مصدر القوة بإيمانه بأن الله القوي العزيز القادر على نصره، والذي وعد عباده المستضعفين والمظلومين بالنصر إن هم هم تحققت لديهم الإرادة وتحركوا في الموقف اللازم، في إطار المسئولية في مواجهة الظلم والطغيان، ثم العدوان بحد ذاته، وبكل ما رافقه، وبكل ملابساته، هو ما يزيد من وعي شعبنا، وعيه أولاً بحقيقة أعدائه، شعبنا اليمني اليوم يعرف من هي أمريكا، يعرف حقيقة أمريكا، وأكثر من أي وقت مضى، يعرف أن ما تحكيه أمريكا عن الديمقراطية وعن حقوق الإنسان، وعن غير ذلك أنها مجرد شعارات فارغة المضمون، وأساليب لخداع الشعوب المستضعفة، يعرف حقيقة الخطر الذي تمثله إسرائيل ليس فقط على شعب فلسطين، وشعبنا اليمني كان ولا يزال وسيظل متضامناً كل التضامن مع القضية الفلسطينية كقضية تعنيه؛ لأنه شعب واعٍ وينطلق في إطار مسؤولية أوسع، يحمل هم أمته ككل، ويستشعر مسؤوليته تجاه أمته ككل، ولكن شعبنا اليوم يدرك أيضاً أن إسرائيل تمثل خطراً في المنطقة بكلها؛ لأن دور إسرائيل في هذا العدوان هو دورٌ واضحٌ مؤكد وبارز، دور ملموس. إسرائيل شاركت فعلياً خلال سلاح جوها، من خلال خبرائها الذين يعملون مع النظام السعودي، ومع الخبراء الأمريكيين، خبراء عسكريين إسرائيليين، هذا بات واضحاً ومؤكداً. الموقف الإسرائيلي على المستوى السياسي والإعلامي، ثم على بقية المستويات، ومن ضمن ذلك المشاركة العسكرية بأي شكل، بأي مستوى، بات واضحا ومؤكداً، ويؤكد لشعبنا اليمن العزيز أن إسرائيل تمثل خطراً على المنطقة وأنها ضالعة ولاعبة أساسية في كل المؤامرات في المنطقة، ولها دور أساسي في كل المؤامرات في المنطقة.
ووعيٌ كبير أيضاً تجاه النظام السعودي الجائر والعميل الخائن لأمته، والمتآمر على أمته الإسلامية، وعلى منطقته العربية، والذي يلعب دوراً سيئاً وسلبياً للغاية في خدمة الأمريكيين وخدمة الإسرائيليين الذين يوهمونه أنه مستفيدٌ من تآمره معهم على أمته، ومن تعاونه معهم على شعوب المنطقة، وهو واهم، هو خاسرن هو في نهاية المطاف هو خاسر؛ لأنهم حينما يستغنون عنه لن يتورعوا أبداً ولن يترددوا أبداً أن يفعلوا به ما فعلوا بغيره، من كل الأدوات التي لعبت أدواراً في المنطقة أو غيرها، أدواراً لمصلحتهم وحين الاستغناء عنها استهدفوها، أو تركوها وفرطوا بها.
والنظام السعودي الذي يمارس هذا الإجرام بحق شعبنا اليمني العزيز لم يرعَ حرمة للجوار، فكان جار السوء الذي آذى جيرانه واعتدى على جاره، وكان أيضاً المعتدي بغير وجه حق على شعبٍ مسلمٍ عزيزٍ من أنبل وأشرف، وخير الشعوب في العالم، الشعب اليمني يمن الإيمان، يمن القيم، يمن الحضارة. ووحشيته وإجرامه الكبير بحق هذا الشعب، في ظل عدوانهن وهو يستهدف الأطفال، فيقتل المئات من الأطفال، يقتل النساء، يستهدف الأحياء السكنية يستهدف القرى الريفية، يستهدف الطرقات والجسور يستهدف المطارات والموانئ، يستهدف المستشفيات والمدارس، يستهدف كلَّ مقدرات الحياة، {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ}، هذا هو إفسادٌ في الأرض، إن لم يكن الإفساد في الأرض هكذا فكيف هو يكون الإفساد في الأرض؟ وبالتأكيد هذه الجرائم البشعة لا تعبر عن قوة، لا تعبر عن قوة، أن يأتي هذا النظام ليرمي بالقنابل الأمريكية، والصواريخ الأمريكية، مستهدفاً الأحياء السكنية فيقتل المئات من الأطفال ويجرح المئات من الأطفال، ويقتل المئات من النساء ويجرح الآلاف من النساء، يستهدف العزل، ويستهدف الآمنين في مساكنهم، هذا لا يعبر أبداً بأي حال من الأحوال عن قوة، يعبر عن نزعة إجرامية، عن شر، يعبر عن فئة، عن جهة لا تمتلك أي رصيد لا من الإنسانية، ولا من القيم، ولا من الأخلاق، ولا تمتلك أي قدر ولو بحد ضئيل من الإحساس بالمسؤولية، لا تعبر بأي حال من الأحوال عن قوة.
إذا كنتم تزدادون غروراً، وينفخ فيكم الشيطان روح الكبر، وأنتم تلقون قنابلكم الأمريكية والصواريخ الأمريكية على هذا الشعب، في مُدُنِه وقُراه، وأنتم تشاهدون المشاهد التي تنشرها القنوات الفضائية لأشلاء الأطفال والنساء فتشعرون وكأنكم أقوياء؛ لأنكم أصبحتم ذوو قدرة على قتل الأطفال، ذوو قدرة على قتل النساء، هذا لا يدل على قوةٍ أبداً. هذا هو العجز، هذا هو الضعف، هذا هو الإجرامُ بعينه، هذا هو الطغيان بذاته، ولا يشرفكم ذلك، صحيح أنتم منذ بداية العدوان ولحد اليوم قتلتم وجرحتم الآلاف من الأطفال والنساء، هذا رصيدكم، أصبحت لكم صفحة سوداء في تاريخ الإنسانية، هذه الصفحة السوداء القاتمة تعبر عن هذا الإجرام البشع بحق شعبنا اليمني العزيز، هذا إنجازكم.
هذا الإجرام وهذا العدوان هو يزيد شعبنا اعتماداً على الله، والتجاءً إلى الله، وتوكلاً على الله، وهو يزيد شعبنا اندفاعاً للعمل والتصدي للعدوان. وفعلاً من النتائج المهمة لهذا العدوان، لهذا الإجرام الوحشي أن الكثير يحس بالمسؤولية داخل بلدنا. أن الأحرار والشرفاء عندما يشاهدون ما تعملونه بأبناء شعبهم، من يشاهد مشهداً واحداً من تلك الجرائم وفيه ضمير، ولديه إحساس بالمسؤولية بالتأكيد يتحرك إلى الميدان للتصدي هذا العدوان. والآلاف انطلقوا نتيجة هذا الإجرام، وهذه الوحشية، وهذا الطغيان الذي ترتكبونه بحق هذا الشعب، الآلاف انطلقوا بفعل ذلك نتيجةَ أفعالكم، نتيجةَ جرائمكم انطلقوا إلى ميادين القتال للتصدي للعدوان، سواءً في الجبهة الداخلية في التصدي للعملاء والخونة والمرتزقة الذين باعوا أنفسهم ووطنهم وشعبهم نتيجة مالكم. وإلى الثغور للتصدي لأي عدوان أو غزو يستهدف البلد، فكلما ازددتم إجراماً، وكلما ازداد طغيانكم، وكلما ازدادت وقاحتكم واستهتاركم بهذا الشعب كلما اندفع الآلاف والآلاف من أحرار الشعب إلى ميادين القتال، من لم يكن لديه دافعٌ في السابق أصبح لديه اليوم اندفاع كبير. كيف لا يندفع من يشاهد بأم عينيه تلك الجرائم البشعة التي تستفز مشاعر الإنسان حتى أنها تحيي في نفس الإنسان روح المسؤولية حتى لو كان ميتاً فيما سبق، لو لم يكن الإنسان يمتلك روح المسؤولية ما يشاهده من جرائم بشعة من طغيان كبير، بل البعض يرى أنه عُرْضةٌ للقتل إن بقي في منزله، إن بقي في مدينته، إن بقي في قريته هو عُرضةٌ للقتل، فالأفضل له أن يذهب إلى ميدان القتال شريفاً عزيزاً حراً في إطار المسؤولية، ويتصدى للعدوان، فإذا استشهد يلقى الله في ميدان القتال في ميدان الثبات مدافعاً عن شعبه، مدافعاً عن وطنه، مدافعاً عن بلده، متصدياً للظالمين والعملاء والجائرين والبغاة، فكلما ازداد هذا العدوان في جرائمه ووحشيته وكلما استمر كلما كان حافزاً مهماً يدفع الكثير لأن يدركوا مسؤوليتهم، ويدفع الكثير إلى أن يتحركوا إلى ميدان القتال، مراهنين على الله، مدركين أنه لا يفيدهم إلا الرهان على الله، والتحرك الجاد في الميدان.
كذلك التحرك على بقية المستويات، شعبنا اليمني يتحرك على كل المستويات، من يتحرك في الميدان ليقاتل متصدياً للعملاء والخونة والمرتزقة وللقاعدة. ومن يتحرك إلى الثغور يتصدى لقوى قرن الشيطان، ومن يتحرك في الجبهة الإعلامية، من يتحرك في الجبهة السياسية، من يتحرك في الجبهة الإنسانية على شتى المستويات في الجانب الصحي، في جانب الرعاية الإنسانية، في الجوانب الأخرى في كل الاتجاهات وهذا المستوى من صمود شعبنا ومن ثباته هو فعلاً أربك المعتدين وفاجأهم، هم لم يكونوا يتوقعوا أن يصمد شعبنا هذا الصمود وأن يثبت هذا الثبات، هم كانوا يراهنون أنه منذ بدية العدوان، ومع بطشهم وجبروتهم وإجرامهم سينهار هذا الشعب ويستسلم، ومن ثم يحققون مؤامرتهم الكبيرة وأي مؤامرة، مؤامرة خطرة جداً.
أنا أقول متأكداً من صحة ما أقول أنه لولا صمود الشعب وثباته لكان الوضع مختلفاً تماماً؛ لأن أولئك المعتدين لم يكونوا ليتورعوا عن أي شيء، وهذا ثبت، جرائمهم الفظيعة والبشعة التي يمارسونها منذ بداية العدوان إلى اليوم تشهد شهادة دامغة وقوية على أنهم ما كانوا ليتورعوا عن أن يفعلوا بهذا الشعب، وتجاه هذا البلد أي شيء، كل شيء كان وارداً، بالتالي كان الاحتلال لبلدنا مسألة واردة، مسألة واردة وهم طرحوا احتمال الغزو البري وما يزال مطروحاً. كانوا سيحتلون هذا البلد، كان هذا البلد سيقسم على المعتدين لكلٍ حصته، حصة لأمريكا تنشئ فيها قواعد عسكرية، وحصة للقاعدة تقيم فيها إمارات لها وولايات ومن تلك المسميات، وحصة للنظام السعودي، وحصة لإسرائيل، وبالتأكيد سيجعلون من الجزر اليمنية كانوا سيجعلون منها حصة لإسرائيل سيعطونها نصيبها غير منقوص بكل ما تمثله من أهمية لديهم. وقد تجلى الآن وبشكل كبير ويتجلى يوماً بعد يوم، وتجاه المؤامرات في كل فصل جديد من فصول المؤامرة في المنطقة يتجلى ويتضح ويظهر إلى العلن التحالف الوثيق بين النظام السعودي وإسرائيل، ومدى الارتباط الوثيق للنظام السعودي مع إسرائيل، سيتجلى أكثر وأكثر، ولربما ينكشف ما تندهش به شعوب المنطقة عن هذا الارتباط الوثيق، لحد الآن تجلت أشياء كبيرة وخطيرة وظهرت إلى العلن. وبالتالي هذا الصمود حفظ لشعبنا بلده، لكان البلد اليوم ممزقاً؛ جزءٌ منه تحت مسمى معين، ولاية من ولايات القاعدة، جزء منه للنظام السعودي، جزء منه لأمريكا، جزرٌ من جزره لإسرائيل، ولكن هذا الصمود هو الذي حفظ هذا البلد، ولربما من أهم ما تجلى في هذا العدوان حقيقة مهمة وخطيرة يجب أن يعيها شعبنا جيداً حتى للمستقبل أن هناك أطماع حقيقية وفعلية كبيرة وخطيرة في هذا البلد، ومؤامرات كبيرة تستهدف هذا الشعب، هناك فعلاً أطماع حقيقة في بلدنا. هم يريدونه، إنما كانوا يريدون من دُمَاهُم وأدواتهم في الداخل أن تنجز لهم كل شيء، ولكن بالتالي عندما فشلت تدخلوا بشكل مباشر.
أيضاً من أهم ما تجلى في ظل هذا العدوان الإجرامي والوحشي أن القاعدة ليست سوى أداة من أدوات أولئك البغاة المعتدين، أداة بيد أمريكا، أداة لصالح إسرائيل، أداة للنظام السعودية. أن مثلث الشر الإجرامي هو الذي صنع القاعدة، وهو الذي يستغل هذه الصنيعة في المنطقة بشكل عام وفي بلدنا على وجه الخصوص. اليوم أصبغوا لقباً جديداً على القاعدة في البلد، ومنحوها لقباً جديداً سموها المقاومة الشعبية مع أنهم لا يحبذون في الأصل اسم المقاومة، لهم موقف من المقاومة اللبنانية، ولهم موقف من المقاومة الفلسطينية، هو اسم غير محبذ، فيا ترى ما هو السر أن يسموا القاعدة في اليمن بهذا المسمى؟ بالتأكيد هم يؤسسون لمسميات جديدة وصنائع جديدة ومسارات جديدة في المنطقة، سيكون من يخدم إسرائيل ويعمل ما تريده إسرائيل، وما تريده أمريكا وبتمويل من السعودية هو الذي يحمل ألقاباً جديدة من هذا النوع في سعيهم إلى قلب الأمور والمفاهيم والحقائق.
إن ما يمارسه النظام السعودي والأمريكيون على رأس هذا العدوان إضافة إلى الدور الإسرائيلي فيه من جرائم هي خزي وعار ولا تمثل أي قوة، وكلما استمر هذا العدوان بما فيه من جرائم وحشية هو خزي وعار للنظام السعودي في المقدمة، وللأمريكيين الإسرائيليين شركاؤه في العدوان.
و هنا نؤكد بأنه أحياناً يقال أن النظام السعودي يشعر بالحرج أن يوقف عدوانه الآن وأنه يحتاج أن يحفظ لنفسه ماء الوجه، أي ماء وجه مع هذه الجرائم البشعة، أي ماء وجه مع هذا العدوان بكل ما فيه من طغيان وجبروت تجاه الشعب اليمن عزيز؟ لقد أهرق ماء وجهه منذ عدوانه، منذ بداية العدوان، عدوانه بحد ذاته سوّد وجهه، وسوّد صفحته، لتكون مسودةً وقاتمة، ولتكون من أسود الصفحات للأنظمة والقوى الظالمة.
إن الذي يمثل خزياً وعاراً هو الاستمرار في العدوان وليس وقفه، إذا كان يريد لنفسه شيئاً من الحفاظ على ماء وجهه فليوقف عدوانه، الاستمرار في العدوان هو العار وهو الخزي أما وقفه هو المفترض.
أيضاً الاستمرار في هذا العدوان هو يؤكد طبيعة الدور الذي يلعبه هذا النظام في المنطقة، سواءً من تمويل الفتن أو بشكل مباشر، أكبر مستفيد منه هو إسرائيل، أكبر مستفيد منه هو إسرائيل، النظام السعودي ذاته ليس مستفيداً من هذا العدوان أبداً..أبداً. هو أولاً على مستوى الاستنزاف الاقتصادي أنفق أموالاً طائلة جداً، واستغلته كل الأطراف حتى على نوع مخزٍ، لقد جعلوا منه ألعوبة وبقرةً حلوباً، الكل يحاول أن يأخذ ما استطاع وكل شيء بثمن، المواقف السياسية التي تطلقها أي دولة أو كيان في دول العالم لصالح العدوان هي مدفوع الثمن. كل شيء مدفوع الثمن؛ سياسياً إعلامياً أيضاً ما يضخه إلى الداخل من أموال لتحريض مرتزقة وعملاء مبالغ هائلة جداً بالتأكيد لها آثار مستقبلية على الاقتصاد هناك لديهم، فهو غير مستفيد حقيقةً هو كاسب مكاسب سلبية عكسية، بل كلما استمر العدوان كلما كانت له نتائج عكسية عليهم؛ لذلك ليس من مصلحتهم أن يستمر هكذا كألعوبة يستغلهم الكثير من الأطراف لأخذ الأموال.
هنا أيضاً على مستوى الوضع في الداخل هناك معاناة حقيقة نتيجة الدور الذي تلعبه القاعدة في البلد ولم يكن دوراً جديداً. في الماضي كان دوراً بارزاً بتمويل كبير ودعم كبير، ولكن اليوم انكشفت الكثير من الحقائق، إلى جانب الدور الذي تقوم به القاعدة مدعومة بالمال والسلاح من النظام السعودي، والحماية السياسية من الأمريكيين وغيرهم، حتى أنهم يطالبوا اليوم بإخلاء المدن لصالح القاعدة. مَنْ غير القاعدة يستفيد اليوم من اخلاء المدن ومؤسسات الدولة التي يحميها الشعب اليوم! اليوم يقولون للشعب اليمن سلّم المدن، سلمها لمن؟ للقاعدة بالتأكيد، وإن كانت بألقاب جديدة؟ سلم منشآت الدولة، سلم ما بقي من سلاح الجيش، حتى الجيش اليمني مطلوب منه أن يسلّم إمكاناته للقاعدة؛ ولذك هذا الدور السلبي أيضاً يقف إلى جانبه البعض ممن تغريهم الأموال الهائلة، ولكنها مهما كانت هي ثمنٌ قليل، مَنْ يبيع نفسه ويبيع إنسانيته ويبيع وطنه ويبيع شعبه مقابل شيء من المال مهما كان هو خاسر، صفقته خاسرة، وما قدمه أكثر مما كسب، حينما تخسر إنسانيتك أنت تخسر كل شيء، وبالتأكيد لا يتعاون من داخل البلد مع هذا العدوان إلا من قد فَقَد إنسانيته، وارتضى لنفسي أن يكون شريكاً في كل تلك الجرائم بما فيها جرائم القتل والإبادة للأطفال والنساء، وجريمة تدمير كل مقدرات و إمكانات هذا البلد، التي هي لأبنائه كلهم، المطارات والموانئ أليست هي لليمنيين كل اليمنيين، خزانات المياه التي للمدن أليست لليمنيين؟ وهكذا كل بقية المنشآت الاقتصادية لليمنيين وبالتالي من يتآمر على أبناء شعبه على أبناء جلدته على بلده هو خاسر، هو خائن، هو خائب، وليس مستفيداً مهما جنى من المال، المال سينتهي سينتهي مهما كان، لكن عندما خسرت إنسانتيك وشعبك وبلدك هذه هي الخسارة الحقيقية إضافةً إلى ما يجنيه الإنسان من مسئولية تجاه الله سبحانه وتعالى .
ما تقوم به البعض من القوى السياسية التي رأت أن تكون مؤيدة للعدوان؛ لأنها كانت منذ البداية تتحرك وفق أجندة لصالح الخارج، وإنما انكشفت الآن بشكل أكبر هو عار وخيانة وطنية ولا مبرر له. من يراهن على تحقيق مكاسب سياسية نتيجة وقوفه مع العدوان ضد شعبه هو يستفز هذا الشعب، ولهذا تداعيات بالتأكيد حتى مستقبلية، وهذه مسألة خطرة جداً، لأن الإنسان الذي تستميله الأطماع والأهواء لينحاز في موقف الباطل، في موقف الطغيان، مع المجرمين ضد بلده، ضد شعبه، ضد أمته هو خاسر في الدنيا وخاسر في الآخرة، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} ليس فقد مبلغ سعودي من النظام السعودي حتى لو أعطوك كل عائدات نفطهم المسألة أنك لو حزت ما في الأرض جميعاً ما في الأرض جميعاً وليس فقط قليل من المال السعودي{وَمِثْلَهُ مَعَهُ} ما في الأرض جميعاً {وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}، وأي إنسانيةٍ أو ضمير أو أخلاق أو قيم لمن يقف عدوان يرتكب كل هذه الجرائم، ماذا سيقول لله تجاه هذه الجرائم، تجاه الأطفال والنساء تجاه شعب، كم يقتل من الناس والأبرياء الذين ليس لهم أي دور في مشاكل داخلية حتى، بالتالي الجريمة كبيرة جداً، فالرهان على العدوان من بعض القوى السياسية هو رهان خاسر، ورهان الخارج على من باعوا وطنهم وشعبهم وبلدهم وإنسانيتهم وشرفهم وعرضهم وأرضهم هو أيضاً رهانٌ خاسر، رهان خاسرين على خاسرين ولن يوصلهم إلى نتيجة.
وبات من الواضح على المستوى الوضع الداخلي والمشكل السياسي في البلد أنه لا حل إلا بالحوار، هذه قضية كانت بديهية، وكان الحوار قائماً، والعدوان هو الذي أوقف الحوار، بل بعد إكمال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بما خرج به من مخرجات، مَنْ الذي عطل تنفيذ تلك المخرجات؟ واضح أنهم المعتدون الذين يعتدون اليوم، هم من كان وراء تعطيل مخرجات الحوار الوطني وصولاً إلى ما حصل من تداعيات نتيجةً لبقاء مخرجات الحوار الوطني حبيسة الأدراج، كان لذلك تداعيات ونتائج، وكان لتدهور الأوضاع مع أنه كان الذي يسيطر على مقاليد الأمور في البلد ويمسك بالدولة كانت دُمى أولئك، دمى بيد أولئك، ولكن حتى تلك الدمى لم يريدوا لها النجاح، لم يعينوها بما يخدم شعبها لأنهم لا يريدون أن يقدموا للشعب اليمني أي شيء نهائياً، فحتى في ظل الهيمنة، وسيطرة دماهم على مقاليد الحكم ما الذي قدموه لهذا البلد؟ لا شيء. كانت الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءًا، وجرع بعد جرع، والوضع الأمني كان يزداد سوءًا، والتفكك لمؤسسات الدولة كانت تزداد وتيرته، هذا الذي كان حاصلاً في البلد، تداعيات نتج عنها ثورة شعبة، الثورة الشعبية تكللت باتفاق السلم والشركة، اتفاق باركه مجلس الأمن والأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، ومجلس الوزراء السعودي، بعد ذلك قاموا بالانقلاب على اتفاقية السلم والشراكة، والتآمر عليها، ومحاولة الالتفاف على ما تضمنته من بنود، لينشأ عن ذلك تداعيات من جديد، ويعود الحوار من جديد، بعد استقالة المستقيل هادي، والحكومة المستقيلة؛ ليبدأ حوار من جديد، ثم يقومون هم بشن عدوانهم، ويعطلون الحوار، ويوقفوه من جديد، ويتورطون في هذا العدوان الإجرامي البشع، معنى هذا أنهم لا يريدون لهذا البلد أمناً ولا استقراراً لا سياسياً ولا أمنياً ولا اقتصادياً، وأنهم يريدوا أن يخضعوا هذا البلد دائماً لهيمنتهم وفي ظل وضعية غير مستقرة، إنما تحت السيطرة والتحكم، تحت سيطرتهم وتحكمهم، وفوضى تحت السيطرة هذا الذي يريدونه لبلدنا ولشعبنا.
اليوم بات جلياً دورهم في الانقلاب على اتفاقية السلم والشراكة ومحاولتهم الالتفاف عليها، اليوم يحاولون بشكل واضح ومكشوف أن يلتفوا على اتفاق السلم والشراكة أن يزيحوه بعد أن اعترفوا به بكلهم، والأهم من ذلك أنه اتفاق وقعته كل القوى السياسية في البلد، لكن مع ذلك هم اعترفوا به ورحبوا به، وأطلقوا بيانات وقرارات ومواقف كانت مرحبة ومؤيدة ومعترفة بهذا الاتفاق واليوم يحاولون الالتفاف عليه.
اليوم يعود الحديث عن الحوار، قبل هذا الموعد كان هناك موعد سابق في جنيف، من الذي التف على محاولات الحوار الأخيرة، من الذي سعى إلى تأجيل الحوار، ولأي سببٍ سعى، معروف أنه النظام السعودي ومعه الأمريكيون والإسرائيليون سعوا هم لتأجيل الحوار في جنيف لارتكاب المزيد من الجرائم، لتنفيذ المزيد من الأجندة، لإثارة المزيد من الفوضى، وفي نهاية المطاف وافقوا من جديد على الحوار ولكن بعد ماذا؟ بعد أن قللوا من مستواه وأهميته فحولوه إلى اجتماع تشاوري وليس اجتماعاً لحوار جاد يوصل إلى حل؛ لأن المطلوب بالنسبة لهم ليس الحل، الحل متاح. ليس هناك ما يعيق الحل السياسي في البلد، المسألة سهلة ومتاحة، كانت القوى السياسية مشرفة على الوصول إلى اتفاق ناجز وكامل وتام، ولكن هم أفشلوا كل شيء وشنوا عدوانهم، وبالتالي اليوم هم عملوا أن يكون الاجتماع في جنيف مجرد اجتماع تشاوري، حاولوا أن يفرضوا عليه أجندتهم، تعاملوا مع الأمم المتحدة ومع مبعوثها الجديد كأداة بأيديهم، يقدمون له الأجندة، يصدرون له الأوامر، يقدمون له التوجيهات، يشتغلون بأسلوب الترغيب والترهيب على تطويعه؛ لكي يعمل لهم ما يشاؤون ويريدون، كله سعي لتعطيل أي نتائج جادة وسليمة وصحيحة تفضي إلى حل حقيقي للوضع السياسي في البلد، وبالتالي ما الذي يريدونه؟ يريدون فوضى في البلد، يريدون إذلالاً للشعب، يريدون أن ينهار هذا البلد هذا كل الذي يريدونه، ونحن نقول اليوم اتركوا للأمم المتحدة حياديتها، واتركوا لها قدراً من الحيادية لنجاح مهمتها، اتركوا سعيكم الدائم لتطويع مبعوثها الجديد تارة بالترغيب وتارة بالترهيب والحملات الإعلامية، اتركوا له قدراً من الحرية كي يبقى حراً يؤدي وظيفته بحيادية، وبالتالي الحل السياسي هو سيفيد حتى في خروجكم من مأزقكم، أنتم أصبحتم اليوم تواصلون عدوانكم بدون أفق، بدون نتيجة وبدون ثمرة.
أما لشعبنا اليمني العزيز فأقول له كل الرهان هو على الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه والتحرك الجاد، التحرك المسؤول في كل الميادين، في جبهات القتال لمواجهة المعتدين، على المستوى السياسي والإعلامي والإنساني، على كل المستويات فلذلك نحن جميعاً معنيون في كل الاتجاهات أن نواصل تحركنا، لأن هذا قدرنا، هذا خيارنا، خيارنا كشعب مسلم خيارنا كشعب شهد له الرسول بالإيمان، خيارنا كشعب حضاري عزيزٍ يمتلك رصيداً عظيماً من القيم والأخلاق والتاريخ، خيارنا الذي لا بديل عنه إلا الهوان والذل والخزي، ولنثق بالله تعالى بالصمود والتوكل على الله والثبات والتحرك الجاد، ومن دون تواكل لا أحد يكل دوره إلى أحد كل منا يتحمل مسؤوليته، ويتحرك فيما يمكنه أن يتحرك فيه، هذا الذي سيفيد، هذا بالتأكيد الذي سيكون له النتيجة السليمة والعاقبة الصحيحة، والفرج قادم والنصر قادم لشعبنا طالما كان متوكلاً على الله ويعي مسؤوليته، ويتحرك في مسؤوليته كما ينبغي.
نسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والنصر لشعبنا العزيز وأن يجعل دائرة السوء على المعتدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
سبأ