جريمة الإبادة في غزة: هل يعكس تصاعد المعارضة الداخلية تصدعًا داخليًا في الرواية "الإسرائيلية" الرسمية؟


https://www.saba.ye/ar/news3486866.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
جريمة الإبادة في غزة: هل يعكس تصاعد المعارضة الداخلية تصدعًا داخليًا في الرواية
[24/ مايو/2025]

غزة - سبأ:

على وقع عبثية النتائج من استمرار الحرب، وفشلها في استعادة الأسرى، وتحقيق انتصار عسكري للعدو الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية تزايدت حدّة الانتقادات ضد حكومة كيان العدو؛ وبخاصة في أوساط النُخب السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي، وصفتها بأنها "عصابة إجرامية"، وأن ما تقوم به في قطاع غزة إبادة جماعية وجرائم حرب.

وفي هذا كان أحد القادة الذين أطلقوا تصريحات شديدة اللهجة ضد استمرار المجازر التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة رئيس الوزراء السابق للكيان، إيهود أولمرت، والذي اعتبر أن ما تفعله "إسرائيل" الآن في غزة يقارب جريمة حرب.

وأكد أولمرت في حديث مع إذاعة "بي بي سي" البريطانية، أن هذه حرب بلا هدف وبلا فرصة لتحقيق أي شيء يمكن أن ينقذ حياة الأسرى.

وأشار أولمرت إلى أن مشهد الحرب الواضح هو مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين الأبرياء والعديد من الجنود.

هذا التوصيف الدقيق الذي أبداه أولمرت انسحب أيضاً على رئيس حزب الديمقراطيين والنائب السابق لرئيس الأركان، الجنرال احتياط يائير غولان، والذي أكد في مقابلة مع إذاعة "كان" العبرية، إن حكومة الاحتلال تقتل الأطفال في قطاع غزة كـ"هواية"، مضيفاً أنها تشكل خطراً على الوجود الإسرائيلي.

وشدد على أن "الدولة الطبيعية" لا تخوض حربا ضد مدنيين ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع لنفسها هدف تهجير سكان".

وأوضح غولان أن الحكومة الحالية مليئة بأشخاص تتملكهم مشاعر الانتقام ولا أخلاق لديهم، وهي عاجزة وتشكل خطراً على الوجود الإسرائيلي.

وعلى نفس المنوال، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون، إلى أن القتل في غزة هو سياسة تنتهجها الحكومة الإسرائيلية الحالية، وتهدف من خلالها إلى البقاء في السلطة، رغم أنها تجر "إسرائيل" إلى الهلاك.

العزلة

وفي الامتعاض "الإسرائيلي" من استمرار الحرب، قال رئيس الوزراء السابق للكيان، إيهود باراك، اليوم الجمعة، إن ما يجري في قطاع غزة حرب سياسية هدفها الحفاظ على الائتلاف الحاكم، مؤكداً أن العملية العسكرية في غزة لن تؤدي إلى تحقيق انتصار على حركة "حماس".

وأوضح باراك في تصريحات صحفية، إن "إسرائيل" بحاجة لقيادة تسعى لإعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة دفعة واحدة ووقف الحرب التي وصفها بـ"العبثية".

وفي حديثه عن العملية العسكرية في غزة، لفت باراك إلى وجود شكوك كبيرة في نجاح العملية العسكرية، وتحقيق نتائج مختلفة عن العمليات السابقة.

وشدد أنها ستزيد عزلة "إسرائيل" السياسية والقانونية، وتقتل عددا من المخطوفين الأحياء، بينما لن تؤدي لتحقيق انتصار على "حماس".

وأكد باراك أن احتلال غزة وتهجير مليوني فلسطيني وتوطين الإسرائيليين محلهم مجرد أوهام سترتد على "إسرائيل".

سقوط الشرعية

وقريباً من ذلك، طالب اللواء عاموس يادلين، القائد الأسبق للاستخبارات العسكرية للكيان "أمان"، نتنياهو بوقف الحرب على قطاع غزة، معتبرا أنه لا يملك أي شرعية داخلية لمواصلة الحرب.

جاء ذلك في مقابلة مع قناة "الكنيست" العبرية، قال فيها إن شرعية "إسرائيل" الدولية "في أسوأ حالاتها اليوم" بسبب ممارساتها في قطاع غزة.

وقال يادلين: "أتوجه بطلب إنهاء الحرب مرة أخرى إلى رئيس الوزراء، الذي لا يملك أي شرعية داخلية لمواصلة الحرب، ويعتمد على مجموعة معينة من المتطرفين الذين يتهربون من الخدمة العسكرية".

في هذا السياق، أكد محللون سياسيون في أحاديث منفصلة لموقع " القدس" أن

تصاعد حدة الخطاب السياسي في الكيان الإسرائيلي، الذي فضح وجه الإبادة التي يتعرض لها المدنيين في غزة يعد إقرارا رسميا بأن "إسرائيل" ترتكب جرائم حرب

، مما يوسع دائرة الاحتجاج والمعارضة داخلها، ويضرب مصداقية روايتها الرسمية التي تبرر الحرب بأهداف أمنية.

وفي هذا يؤكد الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي، ياسر مناع، أن تصريح الضابط الإسرائيلي غولان، الذي قال فيه إن "الدولة العاقلة لا تقتل الأطفال هواية"، يمثل ضربة قوية للرواية الرسمية، التي تبرر العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة تحت ذريعة "الضرورات الأمنية".

كما يمثل قول غولان بحسب الكاتب مناع إقرارًا ضمنيًا بأن "إسرائيل" تمارس الإبادة الجماعية في غزة، وفقدت صوابها، لتتحول إلى كيان يتغذى على مشاعر الكراهية.

ويؤكد مناع أن مصداقية هذه الاعترافات تنبع من كونها صادرة عن شخصيات مثل غولان، التي لا يمكن اتهامها بالعداء الأيديولوجي "لإسرائيل"، بل كانت جزءًا من منظومة اتخاذ القرار.

ويشير مناع إلى أن مثل هذه الأقوال تُسهم في تفكيك الخطاب الإسرائيلي الرسمي من الداخل، مما يعزز الضغط الدولي والداخلي لإعادة تقييم سياسات "إسرائيل" وممارساتها في الصراع.

نية مبيتة

من جانبه رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت د. سعد نمر، أن تصريحات غولان، التي وصف فيها أفعال "إسرائيل" في غزة بأنها مدفوعة بنية القتل وليست لتحقيق أهداف عسكرية، مثل تحرير الأسرى أو القضاء على حركة حماس، أنها شكلت صدمة كبيرة للمجتمع "الإسرائيلي"، لكونها كشفت الحقيقة العارية عن طبيعة الحرب.

ويوضح نمر أن هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها، إذ بدأت أصوات إسرائيلية متعددة، بما في ذلك قادة سابقون وأعضاء كنيست، تصف الحرب بأنها "عبثية" وتفتقر إلى أهداف واضحة، مع انتقادات متزايدة لطريقة تنفيذ العمليات العسكرية التي تُعتبر حرب إبادة.

ويشير نمر إلى أن تصريحات غولان، التي أثارت ردود فعل قوية داخل "إسرائيل"، أحدثت ارتباكًا كبيرًا لأنها كشفت عن نية مبيتة للإبادة الجماعية، وهو ما يتماشى مع أقوال وزراء متطرفين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، التي تؤكد وجود نية واضحة للقضاء على الفلسطينيين وتهجيرهم.

تحولات

بدوره، قال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية د. رائد أبو بدوية أن التصريحات المتكررة، التي تصدر عن عدد من القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين السابقين، تؤكد أن هناك تحولات ملحوظة في الشارع الإسرائيلي والمجتمع الدولي تجاه الحرب على قطاع غزة، لافتا إلى أن هذه التغيرات ليست محصورة في القيادات العسكرية، بل تمتد إلى أصوات سياسية وأمنية سابقة بدأت تنتقد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في غزة.

ويشير أبو بدوية إلى تصريحات أولمرت، الذي تحدث بشكل صريح عن أفعال "إسرائيل" في غزة، واصفًا إياها بأنها تقترب من "جرائم حرب"، وهو ما يعكس تصدعًا داخليًا في الرواية الإسرائيلية الرسمية.

ويوضح أبو بدوية أن هذا التحول يظهر بوضوح في الشارع الإسرائيلي، حيث أظهر استطلاع رأي حديث أن 67% من الإسرائيليين يؤيدون وقف الحرب، إلى جانب مظاهرات في تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى ترفع صور أطفال غزة للمطالبة بإنهاء الصراع.

ويلفت أبو بدوية إلى أن هذه التحركات تعكس تزايد الوعي المجتمعي داخل الكيان بكلفة الحرب الاستراتيجية، لكن حكومة الكيان بقيادة بنيامين نتنياهو تستمر في استخدام الحرب كأداة سياسية لتعزيز مصالحها الشخصية والحفاظ على الائتلاف الحاكم، مما يعكس أولوية البقاء في السلطة على حساب الاعتبارات الإنسانية.

ختاما، فإن اتساع رقعة أصوات الغضب الداخلية المطالبة بوقف جرائم الإبادة الجماعية على قطاع غزة وعقد صفقة تبادل الأسرى، تشير إلى حجم المأزق والانقسام الحاد الذي تواجه حكومة العدو الإسرائيلي، والتي قد تهدد استقرارها، وتقودها إلى مرحلة الانهيار والهزيمة.