التحالفات الأمريكية وعرقلة النظام الدولي الجديد متعدد الأقطاب


https://www.saba.ye/ar/news3210403.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
التحالفات الأمريكية وعرقلة النظام الدولي الجديد متعدد الأقطاب
[08/ نوفمبر/2022]
عواصم-سبأ: عبدالعزيز الحزي

تبنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرا نهجا منافسا للصين واضحا بعد الاتفاق العسكري المعلن بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا في المحيطين الهندي والهادئ وذلك في وقت يلوح في الأفق نظام دولي جديد متعدد الأقطاب ترسم ملامحه الصين وروسيا.

ومع مرور العالم في الابتعاد عن نظام الهيمنة الأمريكية "أحادي القطبية" الذي فرض في الفترة ما بين 1989-2008، إلى نظام متعدّد الأقطاب، تظهر فيه الصين التي تمتلك مزيج من القدرة الاقتصادية والعسكرية والديموغرافية، والطموح لتشكيل نظام دولي جديد.

ويمثل الانتصار العسكري الروسي في جورجيا نقطة تحوُّل مهمة، وخطوة أخرى من أجل إنشاء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب عوضًا عن النِّظام الأحادي القطب الذي يدور في الفلك الأمريكي، فيما يعتبر في المقابل التحرك الأمريكي والأوروبي ضد روسيا في أوكرانيا وإنشاء تحالفات لمواجهة الصين هو لإطالة أمد الحرب وخلق ظروف عصية لعرقلة النظام الدولي الجديد، بحسب المراقبين.

واستضافت العاصمة الكازاخستانية أستانا مؤخرا ثلاث قمم، شارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفعالية، وهي القمة السادسة لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا، واجتماع رؤساء رابطة الدول المستقلة، وقمة روسيا وآسيا الوسطى.

وفي هذه القمم الثلاث يشدد الرئيس بوتن على أن هناك تغييرات جادة في السياسة العالمية والعالم بات متعدد الأقطاب، مشيراً إلى أن آسيا تلعب الدور الرئيسي في هذا النظام الجديد، ونريد إعادة النظر في المنظومة المالية العالمية.

ويشير بعض الخبراء في الشأن الأسيوي الى أن هذه المؤتمرات والتجمعات والتكتلات التي تقوم بعد أفول المشروع الأمريكي في العالم بالهيمنة ذات القطبية الواحدة.

ويرون أن بعض الدول في هذا العالم، قد اقتنعت تماما بأن التعددية القطبية هي حالة واقعية وحتمية في العلاقات الدولية، خاصة بعد تراجع الدور الأمريكي الفعال والجدي والبناء في بناء أسس عادلة لمفاهيم العلاقات الدولية، والسعي الأمريكي الدائم إلى رسم سياسات واشنطن بالقوة بشكل مباشر أو أحيانا بالوكالة في أماكن أخرى.

وتستفيد الصين من بعض العوامل الجيوسياسية؛ فالعلاقات بين اليابان والصين في تحسن في الآونة الأخيرة، وكوريا الجنوبية تحتاج إلى الصين بجانبها لإبقاء التقارب بين الكوريتين على المسار الصحيح.

وتقوم معظم الدول الآسيوية حاليا بعملية توازن بشكل حذر بين علاقاتها الاقتصادية مع الصين وعلاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة، بيد أن بعضها يخلص إلى المضي قدماً في الاصطفاف مع الخطط الصينية المستقبلية المتعلقة بالتجارة والأمن الإقليمي.

وتبنت بكين بصورة مطردة سياسة خارجية أكثر حزماً ونشاطاً منذ عام 2010 تقريباً، على خلفية مطالبها في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي.

ومنذ وصول "شي جين بينغ" إلى السلطة عام 2012، ايضا تبنت الصين في سياستها الخارجية في بحر الصين الجنوبي مبادرة "الحزام والطريق" لدى بلدان في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.

ولدى واشنطن ،بحسب الكثير من المراقبين، رغبة جامحة في سياسة صناعية نشطة لمواجهة الاستراتيجيات الصينية مثل مبادرة الحزام والطريق وصنع في الصين 2025.

وبهذا الخصوص، صعّدت واشنطن من إجراءات تهدف لإضعاف روابط شركة هواوي Huawei الصينية، وتقييد تدفقات التكنولوجيا الأمريكية إلى الشركات الصينية الأخرى، بالإضافة إلى تعزيز هدف ضمان أن تصبح الولايات المتحدة المكان المفضل للصناعات التكنولوجية المتقدمة للشركات المحلية والأجنبية على حد سواء.

وتبدو مواجهة الصين، على ضوء إبرام واشنطن شراكة عسكرية مع لندن وكانبيرا في المحيطين الهندي والهادئ، على رأس أولويات الرئيس جو بايدن الذي يخط ببرودة مساره في هذا الإطار حتى لو أسفر عن أضرار جانبية مع بعض حلفاء الولايات المتحدة.

وتأتي محاولة بايدن لجم طموحات بكين المتعاظمة على حساب حلفاء الولايات المتحدة لأن "المنافسة مع الصين تحظى بالأولوية، أما ما تبقى فمجرد تفاصيل" إذ ترى واشنطن بكين على أنها "التحدي الجيوسياسي الأكبر في القرن الحادي والعشرين".

ويشكل هذا التوجه، حسب الخبراء، "نوعا من الاستمرارية" مع شعار "أمريكا أولا" الذي رفعه عاليا الرئيس السابق دونالد ترامب في الجوهر، فضلا عن أنه "إمعان في نهج متفرد نسبيا". فقد اعتمد جو بايدن نفس الحزم الذي أبداه سلفه الجمهوري حيال العملاق الآسيوي، والذي وصفه وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأنه "التحدي الجيوسياسي الأكبر في القرن الحادي والعشرين".

وكان بايدن في بداية ولايته الرئاسية في يناير 2021 قد شدد لدى حلفائه على "عودة الولايات المتحدة" إلى الدبلوماسية الدولية المتعددة الأطراف.. ساعيا إلى طي صفحة حقبة دونالد ترامب التي تميزت أساسا بنهج متفرد وسيادي.

وقدم ضمانات مع بادرات كثيرة باتجاه الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والعزم المعلن لبناء جبهة مشتركة مناهضة للصين عبر الأطلسي.. إلا أن الانسحاب من أفغانستان أظهر محدودية هذا المسعى.

فرغم المشاورات التي أجريت حول هذه المسألة الحساسة لم يخف الكثير من الحلفاء الأوروبيين على رأسهم الألمان والبريطانيون امتعاضهم من سياسة الأمر الواقع التي فرضتها الولايات المتحدة.

وهو ما أكده بايدن غداة انسحاب آخر جندي أمريكي من أفغانستان، قائلا إن "العالم يتغير ونحن منخرطون في منافسة حيوية مع الصين".. فحتى على صعيد السياسة الداخلية يبرر خططه الهائلة للاستثمار الاقتصادي بضرورة الوقوف بقوة في وجه الصين.

ومن منظار واشنطن لا يتناقض التحالف في المحيطين الهندي والهادئ بالضرورة مع النهج متعدد الأطراف الذي روج له جو بايدن.

وبحسب المحللين، فإن هذا التحالف "يركز على الأهمية التي تولى للتحالفات والشراكات"، وأن إدارة بايدن ستعطي الأولوية "لتحالفات متقلبة وفقا لمصالحها" مع تراجع "أوروبا أكثر فأكثر عن صدارة الاهتمام" وذلك بالرغم من أصوله الإيرلندية وتأييده للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، إلا أن الرئيس الأمريكي يميل أكثر من أي وقت مضى لتكريس "التحول" باتجاه آسيا الذي باشره قبل نحو عقد من الزمن الديمقراطي باراك أوباما (2009-2017) الذي كان بايدن نائبا له.

وفي السياق، يأتي مشروع القانون المقدم من قبل مجموعة من النواب الأمريكيين من الحزبين، بهدف تخصيص حوافز حكومية لعمليات تصنيع أشباه الموصلات المتقدمة في الولايات المتحدة لتحجيم دور العملاق الصيني المنافس الكبير في هذا المجال.

ويقترح ما يسمى قانون إنشاء حوافز مفيدة لإنتاج أشباه الموصلات من أجل أمريكا (قانون CHIPS for America) عشرات المليارات من الدولارات من الحوافز ومبادرات البحث على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة، والتي تركز على تصنيع أشباه الموصلات المتقدمة، لتتناسب مع الحزم المماثلة التي تقدمها دول مثل ألمانيا وسنغافورة.

وتستهدف الولايات المتحدة التوصل لإجراءات تنظيمية في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال مجموعة السبع والمفوضية الأوروبية، والتي قد تفضي لإنشاء جبهة مشتركة لاستبعاد الصين وعزلها في هذا المجال التكنولوجي الهام.

كما تروج الإدارة الأمريكية لمبادرات أخرى مصممة لتقييد الصين وخلق مساحة أكبر للشركات الأمريكية.

مخاطر الحرب الصينية الأمريكية:

وإلى جانب التوتر الدبلوماسي والحرب التجارية، ينتشر الجيش الأمريكي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأعداد وصفتها الصين مؤخرا بـ "غير مسبوقة"، محذرة من خطر وقوع صدام عرضي بحري بين أمريكا والصين حيث تتخلص مخاطر الصدام العسكري في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي وتايوان وشبه الجزيرة الكورية ومواقع أخرى إذا ما وسعت الصين أنشطتها العسكرية في الخارج على مدى العقد المقبل، فقد تدخل القوات العسكرية الصينية والأمريكية في اشتباك في مناطق مثل جنوب المحيط الهادي أو المحيط الهندي أو مناطق أخرى غيرها.

وفي أي لحظة فإن احتمالية تفجر صراع متعدد المستويات مع الولايات المتحدة، تبدو حاضرة لدى الصين حيث تكررت في أكثر من مناسبة تحذيرات الرئيس الصيني تشي جين بينج من الوقوع في "فخ ثوسيديدس" بسبب الحسابات والتقديرات الاستراتيجية الخاطئة، قاصداً تفجر صدام عسكري بين الدولتين بسبب سعي الولايات المتحدة لعرقلة الصعود الصيني.