أمريكا تُحرض على إطالة الحرب الروسية الأوكرانية للتكسب منها


https://www.saba.ye/ar/news3183418.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
أمريكا تُحرض على إطالة الحرب الروسية الأوكرانية للتكسب منها
[15/ أبريل/2022]

عواصم- سبأ: مرزاح العسل

مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية لليوم الـ51 على التوالي بلا حل فوري يلوح في الأفق.. أثبتت الشواهد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تقف على الجانب الآخر، مسؤولةً ومُحرضة على إطالة أمد الصراع أكبر وقت ممكن، لأنها في وضع جيد للتكسب من هذه الحرب.

وفي هذا السياق.. دفعت الولايات المتحدة الأمريكية باستمرار تجاه تأجيج الحرب أوكرانيا، لاعتبارات سياسية وعسكرية عدة، لكن الدوافع والمكاسب الاقتصادية الكبيرة كانت حاضرة أيضاً وتقف وراء محاولة تأجيج واشنطن للحرب، خاصة فيما يتعلق بمشروع "التيار الشمالي 2".

وبحسب مراقبين.. كانت محاولات أمريكا لخلق مواجهة أوروبية روسية في أوكرانيا أكثر وضوحا كلما اقترب المشروع من نهايته، وذلك بهدف وقف التعاون بين روسيا وأوروبا في مجال الغاز، وفرض نفسها كبديل لموسكو في هذا الجانب.

ولعل الزيادة الهائلة في صادرات أمريكا من الغاز الطبيعي المسال، خاصة إلى أوروبا، والتي بلغت مستوىً قياسياً، تعكس هذه الرغبة الملحة للإطاحة بروسيا من سوق الطاقة الأوروبي.

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2" أو "التيار الشمالي 2"، بين روسيا وألمانيا لن يمضي قدما إذا "غزت" روسيا أوكرانيا.. واستمرت واشنطن على مدار سنوات في ممارسة ضغوط على ألمانيا لوقف المشروع، وحالياً جعلت أوكرانيا حجتها.

ويرى خبراء عسكريون أن تأجيج واشنطن للحرب بين روسيا وأوكرانيا يأتي في ظل مخاوفها والدول الأوروبية من تقليص أو قطع إمدادات الغاز الروسي لأوروبا في منتصف الشتاء في حال فرض عقوبات على الجانب الروسي.

وأشاروا إلى اعتماد أوروبا بشكل كبير الغاز الطبيعي من روسيا، والذي ينقل عبر أوكرانيا، الأمر الذي دفع واشنطن إلى استحداث خطة بديلة لاستيراد الغاز الطبيعي من دولة قطر، والتي تعد من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم.

ويمكن قياس أرباح أمريكا بأرقام المال نتيجة استمرار الصراع الروسي الأوكراني من خلال ارتفاع قيمة الدولار مقابل عملات العالم الرئيسية الأخرى، وكذلك ارتفاع الطلب على سندات الخزينة الأمريكية، على ما يقوم عليه النظام المالي الأمريكي، مع تراجع أسواق الأسهم.

ومن خلال دفع الولايات المتحدة الأمريكية المستمر لحلف "الناتو" للتوسع شرقا وتنظيم "الثورات الملونة" حول روسيا، لم تتوقف على مر السنين عن محاولات احتواء روسيا و"الضغط" عليها، مع تجاهل شواغلها الأمنية المشروعة ومخاوفها.

وبدلا من أن تساهم في خفض التصعيد، لم تدخر واشنطن أي جهد لتأجيج التوترات في المنطقة سواء من خلال الشحن السريع للأسلحة إلى أوكرانيا أو دفع حلفائها الأوروبيين إلى فرض عقوبات اقتصادية كاسحة على روسيا.

ومن خلال التحريض أيضاً على استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا، تمكنت واشنطن من دق إسفين بين أوروبا وروسيا، وزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا لاستبدال الوقود الروسي وتقويض الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي.. وتبدو جاهزة للاستفادة بشكل كبير من كل هذه النتائج.

ويؤكد محللون وخبراء أن الجذر الرئيسي للصراع المستمر في أوكرانيا هو توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تقوده الولايات المتحدة.. وتحت شعارات مثل: "ترسيخ الديمقراطية" و"تعزيز الاستقرار والقيم المشتركة"، ضغطت واشنطن بشكل مستمر من أجل توسع الحلف العسكري شرقا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.

وعلى مدى 30 عاما، مر الناتو بـ5 جولات من التوسع، حيث تحرك شرقا أكثر من 1000 كيلومتر على مقربة من الحدود الروسية، مما حشر البلاد في زاوية على نحو تدريجي.

واتخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ توليه منصبه موقفا أكثر صرامة ضد روسيا في الوقت الذي كثف من جهوده الدبلوماسية لإقامة علاقات "ودية" مع أوكرانيا.. ومن خلال تأكيد دعمها لعضوية أوكرانيا في الناتو، تجاوزت إدارة بايدن أخيرا "الخط الأحمر" الأمني لروسيا.

ويرى الخبير الأمريكي الشهير بالقضايا الدولية توماس فريدمان، أن الحكومة الأمريكية يجب أن تتحمل مسؤولية كبيرة عن تدهور علاقاتها مع روسيا بسبب خطأها الهائل المتمثل في إعطاء الضوء الأخضر للناتو للتوسع شرقا.

وقال في مقال له نُشر مؤخرا: إن "أمريكا وحلف شمال الأطلسي ليسا متفرجين بريئين" على الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا.

ويعتبر توسع الناتو عنصرا مهما في استراتيجية أمريكية أكبر ترمي إلى تحويل أوكرانيا إلى معقل غربي.

ويؤكد المحللون أن واشنطن تحاول منذ فترة طويلة خلق ما يسمى "بفوضى يمكن التحكم فيها في أوكرانيا، بالشكل الذي يتناسب مع مصالحها السياسية والاقتصادية على أكمل وجه.

ومن خلال "صبها المستمر للبنزين على النار" في أوكرانيا، تحصل إدارة بايدن الآن على فرصة ثانية لإظهار القيادة الثابتة التي وعد بها بايدن، كما تمكنت القوة العظمى الوحيدة في العالم من ترسيخ موقعها المهيمن على المسرح العالمي من خلال زيادة اعتماد أوروبا عليها في مجالي الطاقة والأمن.

وكتبت عضوة الكونغرس السابقة عن ولاية هاواي تولسي غابارد، مرشحة الانتخابات الرئاسية عام 2020، في تغريدة على "تويتر": "كان من الممكن تجنب أزمة أوكرانيا بسهولة إذا اعترفت إدارة بايدن وحلف شمال الأطلسي بمخاوف روسيا الأمنية المشروعة بشأن انضمام أوكرانيا إلى الناتو".

وفي الواقع، إلى جانب المكاسب الدبلوماسية والسياسية، حققت أمريكا، وخاصة تجار الأسلحة، أيضا مكاسب مالية هائلة من توسع الناتو والمواجهة بين روسيا وأوكرانيا.

وقالت غابارد: إن دعاة الحرب على جانبي واشنطن يؤججون التوترات، وإذا اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فإن أرباب المجمع الصناعي- العسكري سيربحون من المال أكثر بكثير مما ربحوا من قتالهم ضد تنظيم القاعدة أو صنع السلاح له.

ومنذ بدء الصراع بين روسيا وأوكرانيا، شهدت أكبر 5 شركات دفاعية في الولايات المتحدة ارتفاعا هائلا في أسعار أسهمها.. وقفز سهم شركة لوكهيد مارتن، أكبر مصنع للأسلحة في العالم، بنسبة 28 في المائة من 354 دولارا أمريكيا في أوائل يناير إلى 453 دولارا في 25 مارس، بينما ارتفع سعر سهم شركة رايثيون تكنولوجيز بأكثر من 20 في المائة.

في الوقت نفسه، شهدت شركات مصنعة للسلاح مثل نورثروب غرومان وجنرال دايناميكس ارتفاعا في أسعار أسهمها أيضا.

وينفق صانعو الأسلحة في الولايات المتحدة، ملايين الدولارات كل عام للتأثير على السياسيين والتبرع لحملاتهم، بينما يمكن لمسؤولين سابقين رفيعي المستوى في البنتاغون أن يصبحوا أعضاء في مجالس إدارة العديد من شركات الدفاع، أو يعملوا كمستشارين أو جماعات ضغط لهذه الشركات.

ويقول المدير التنفيذي لمجموعة جاست فوري بوليسي المناهضة للحرب إريك سبيرلنغ: إن الإنفاق الدفاعي عبر أعضاء الناتو من المرجح أن يزداد مع اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا.. مضيفاً: إن العديد من الأسلحة "التي يستخدمها الناتو ستكون أسلحة أمريكية بشكل ساحق.. لذلك كل هذا يصب في مصلحة شركات الأسلحة".

وفي ظل هيمنة الخطاب الغربي، من الواضح أن واشنطن غير مهتمة بنشر الحقائق أو الحقيقة.. فبينما تنهمك الولايات المتحدة في المطالبة بفرض عقوبات على روسيا بسبب "انتهاكات القانون الدولي"، فإنها تلتزم الصمت عند سؤالها عن جرائمها، بما في ذلك الترويج لمبدأ مونرو في أمريكا اللاتينية، وقصف يوغوسلافيا دون أساس قانوني، وغزواتها لأفغانستان والعراق وسوريا ودعمها لاستمرار الحرب الكونية على الشعب اليمني منذ أكثر من 7 أعوام.

وبينما أخذت الولايات المتحدة تتشدق بالألفاظ حول المدنيين الأوكرانيين، إلا أنها صمت آذانها عن معاناة الناس في الشرق الأوسط وأفريقيا.. وعلى مدى عقدين من الزمن، ضربت الولايات المتحدة أفغانستان، وعلى الرغم من انسحاب قواتها العام الماضي، لا يزال المعتدي يحجب مليارات الدولارات من الأموال المنقذة للحياة عن الشعب الأفغاني.

ومنذ تفكك الاتحاد السوفياتي، والعلاقة بين روسيا وأوكرانيا تشهد أزمات متتالية.. وفي كل واحدة من تلك الأزمات توجد بصمات للغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، ولم تتوقف الولايات المتحدة عن محاولات تطويق روسيا الاتحادية، وخصوصاً بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، لا بل لم تتوقف عن محاولاتها لتفكيك روسيا نفسها.

وكانت أمريكا تسير سياسياً في الطريق الصحيح حتى تمكنت لوبيات محددة ومعروفة من السيطرة عليها سياسياً واقتصادياً وإعلامياً فَحَرَفَتْ اتجاهها السياسي والاقتصادي والإعلامي ليكون في خدمة تلك اللوبيات التي صار لها نفوذ كبير وسيطرة على القرار السياسي.

ومع مرور عقود من الزمن وبسبب سيطرة اللوبيات على السياسة والاقتصاد والإعلام الأمريكي تحولت أمريكا إلى دولة معادية لتطلعات الشعوب.. وقامت على سبيل المثال في حقب زمنية مختلفة بمنع الشعوب الفلسطينية والعراقية والسورية والأفغانية والفيتنامية والكمبودية والكورية وغيرها من الحصول على حقوقها وتقرير مصيرها دون إراقة دماء.

الجدير ذكره أن السياسة الأمريكية تنكرت في أزمنة مختلفة لكثير من حلفائها في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وغيرها كما قال بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في إحدى جلسات استجواب وزير الخارجية " أنتوني بلينكن "، ثم إن أمريكا ما كادت تنفك من حرب حتى تدخل أخرى.. وتعودت أمريكا أن تعلق أوساخها وتنشر غسيلها على حبال حلفائها من الدول الأخرى، وإن لم يقبلوا فإنها تسعى إلى الإضرار بهم وعدم تحقيق مصالحهم.