المخاوف من عودة الصراع المسلح تسيطر على المشهد السياسي في ليبيا


https://www.saba.ye/ar/news3176081.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
المخاوف من عودة الصراع المسلح تسيطر على المشهد السياسي في ليبيا
[20/ فبراير/2022]

عواصم- سبأ: 

بوادر أزمة جديدة قد يشهدها الملف السياسي في ليبيا ما يثير المخاوف من تجدد الصراع المسلح إثر توالي عدة أحداث كان أبرزها ما ظهر في الأفق خلال الأيام الماضية في انقسام المجلس الأعلى للدولة على قرار مجلس النواب بسحب الثقة من حكومة عبدالحميد الدبيبة بأغلبية الأعضاء وتكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا بتشكيل الحكومة الجديدة.

فبعد انتكاسة تأجيل الانتخابات التي كان يؤمل منها أن تنهي سنوات من الصراعات والحروب في البلاد اختار البرلمان فتحي باشاغا رئيسًا جديدًا للحكومة في خطوة رفضها رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة.

واتخذ الدبيبة من احتفالات ثورة 17 فبراير، التي أقيمت خلال اليومين الماضيين، منطلقًا لمحاولة إعادة ترويج نفسه، كرجل للمرحلة.. ليطلق وعودًا وتعهدات بإجراء انتخابات في يونيو المقبل، بعد الاتهامات التي طالته بمحاولة إفشال الاستحقاق الدستوري، الذي كان محددًا له 24 ديسمبر المنصرم.

ولم يكتف الدبيبة بالتعهد بإجراء الانتخابات، بل حاول التأثير في الليبيين، بإعلانه خططًا للإنفاق بينها رفع الرواتب وشراء أراض ومنازل وتقديم مساعدات.

ووعد، في كلمة خلال احتفالات الجمعة، بميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس، بتقديم مساعدات لليبيين لشراء أراضٍ ومنازل، ورفض بعض الرواتب التي تقدمها الدولة ودعم مشاريع الزواج، مشيرًا إلى أنه لن يسلم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات.

وتعهد رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، بإعلان خارطة طريق خلال يومين، تفضي إلى إجراء انتخابات في يونيو.. مخالفًا ما كان قطعه على نفسه الأسبوع الماضي، بتعهده بإعلان تلك الخطة الخميس الماضي.

وبينما أكد الدبيبة أنه لا مفر في هذه المرحلة من الذهاب إلى هذا الاستحقاق، شدد على أن القوانين جاهزة ولا بد من العمل على إجراء الاستحقاق الدستوري.. داعيًا البرلمان والمجلس الأعلى للدولة والأجهزة القضائية، إلى الاستماع لمطالب الشعب والدفع باتجاه إجراء الانتخابات.

وحاول رئيس الحكومة اتهام أطراف -لم يسمها- بإشعال الفتنة، قائلًا: هناك فئة ما زالت تريد الاقتتال في طرابلس، إلا أنه ضد اندلاع حرب جديدة في ليبيا.

في السياق ذاته دفعت اتهامات الدبيبة وتمسكه بعدم تسليم السلطة، رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا، لإجراء مناورة اللحظات الأخيرة، بعد زيارته مدينة مصراتة (معقل الدبيبة)، في محاولة للترويج لحكومته الجديدة، وبث رسائل طمأنة للمتخوفين من إزاحة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها.

وبحسب مصادر ليبية، فإن باشاغا طرح على أعيان وقادة مدينة مصراتة، خلال لقاء جمعه بهم أمس، مشروع حكومته، مؤكدًا أنه سيكثف جهوده لإنهاء الانقسام السياسي.

وتعهد باشاغا -خلال اللقاء الذي يأتي ضمن مشاوراته لتشكيل الحكومة- بتسخير حكومته كل جهودها، للدفع بملف المصالحة الوطنية، وبإرساء الاستقرار في ربوع ليبيا، وحلحلة الأزمات الأمنية.

وتسببت تصريحات الدبيبة، التي أعاد تأكيدها أمس، في حالة من القلق بليبيا، بشأن مصير المرحلة المقبلة واحتمالات حدوث اشتباكات مسلحة بين أنصار الرجلين، اللذين يمسكان بزمام عدد كبير من المليشيات المسلحة.

إلى ذلك، يقول المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، في تصريحات لموقع "السياق": إن تصريحات الدبيبة الرافضة لتسليم السلطة، كانت متوقعة، نظرا لتشبثه بكرسي رئاسة الحكومة وسوء علاقته بمجلس النواب، إضافة إلى تدخل قوى خارجية وداخلية لدعمه، ما يعطي مؤشرات بأن باشاغا سيواجه الكثير من المصاعب قبل بدء مهامه.

وحول احتمال نشوب اشتباكات مسلحة، بين المليشيات الرافضة لتنحي الدبيبة والمؤيدة لذلك، قال المحلل الليبي: إن الاحتمال وارد بشكل كبير، إلا في حال تدخل حكماء ومشايخ مصراتة، لأن أصول الرجلين من هناك، إضافة إلى تهدئة من شخصيات وطنية وقوى دولية فاعلة، مشيرًا إلى أنه رغم ذلك، فإن العاصمة طرابلس وكل المدن الليبية سيسودها قلق كبير بهذا الخصوص.

أما عن التحديات التي تواجه حكومة باشاغا، أكد المحلل الليبي أنها كثيرة خلفتها حكومات متعاقبة؛ أولها رأب الصدع بين الليبين وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، وتفكيك المليشيات، إضافة إلى تخفيض قيمة صرف العملة الأجنبية وتوفير السيولة ومشكلات الكهرباء والتعليم والصحة، مشيرًا إلى أن نجاح هذه الحكومة مرهون بالوفاق الحقيقي لرأب الصدع وتفكيك المليشيات.

 من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي: إنه لا يعتقد أن هناك أي اشتباكات مسلحة قد تحدث، لأن عبدالحميد الدبيبة لا يملك قوة عسكرية، يستطيع من خلالها مواجهة باشاغا.

وأشار إلى أن باشاغا لديه كتائب من طرابلس ومصراتة مؤيدة له.. مؤكدًا أن هبوط باشاغا في مطار معيتقة، بعد عودته من طبرق خير إشارة على قوة الرجل.

كما أكد أنه على فتحي باشاغا إزالة حالة القوة القاهرة، التي أعاقت إجراء الانتخابات، ومعالجة أزمه السيولة التي تعانيها البلاد منذ سنوات، وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية بمساعدة اللجنة العسكرية.. مشيرًا إلى أن التحدي الأكبر هو حشد التأييد الدولي لحكومته، خصوصًا أن هناك من يدعم الدبيبة إلى الآن رئيسًا للحكومة

ووسط هذا الانقسام الذي تشهده ليبيا نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريراً عن مساعي رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لرأب الصدع بين المتنافسين على رئاسة الحكومة المنتظرة الدبيبة وباشاغا.

وقالت المجلة في تقريرها: إن الوضع السياسي في ليبيا -الذي وصفته بالمتأزم- يُشكّل هاجساً قوياً للمنفي "الذي يعمل على تكثيف جهوده وتوظيف علاقاته، من أجل تجنب سيناريو حكومة برأسين في البلاد".

وأكدت أن "ليبيا دخلت في مأزق سياسي – دستوري جديد منذ تعيين مجلس النواب، فتحي باشاغا وزير الداخلية السابق، رئيساً جديداً للوزراء".. مشيرة إلى "أن هذا الوضع يُقلق كثيراً المنفي الذي تولى الرئاسة في نفس الوقت الذي تولى فيه الدبيبة رئاسة الحكومة".

ورأت "جون أفريك" أن تعيين رئيسين للحكومة في دولة واحدة هو "وضع لا يمكن تصوره وتنفيذه على أرض الواقع".

وأفادت بأنه في "محاولة لنزع فتيل الأزمة التي تلوح في الأفق، استقبل المنفي عبد الحميد الدبيبة ثم فتحي باشاغا للعب دور الوسيط بينهما، ومحاولة إيجاد مخرج من هذا المأزق السياسي"، حيث نقلت المجلة عن مصادرها، أن رئيس المجلس الرئاسي، استقبل الدبيبة في 13 فبراير الحالي، وباشاغا في اليوم التالي وأبلغهما "أنه يرفض رؤية البلاد تدخل في صراع جديد بسبب التنافس الشخصي" -حسب وصف المجلة- التي وصفت ما يحدث بـــ"التنافس الضار" بين الرجلين، وهو أمر يجب تسويته.

وطالب المنفي، الدبيبة وباشاغا "بالتفاوض مباشرة مع بعضهما البعض حتى لا تنجر البلاد إلى الحرب"، كما أصر على حقيقة أنه مهما كان رئيس الحكومة الذي سيتم اختياره بشكل نهائي، فإنه سيتعين على الأخير ممارسة ولايته في إطار اتفاقيات جنيف، أي قيادة البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية ناجحة بقدر الإمكان – وفقاً لتقرير جون أفريك.