تحت شعار "ثورة أمجاد على خطى الأجداد".. الجزائريون يحيون ثورتهم على المستعمر الفرنسي


https://www.saba.ye/ar/news3162465.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
تحت شعار
[02/ نوفمبر/2021]

عواصم- سبأ: مرزاح العسل

تحت شعار "ثورة أمجاد على خطى الأجداد".. أحيا الجزائريون، اليوم الإثنين، الذكرى الـ67 لاندلاع الثورة التحريرية من الاستعمار الفرنسي، والتي دامت لأكثر من 7 أعوام، وأجبرت المستعمر على الاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره في يوليو عام 1962م.

ويأتي احتفال الجزائريين، لهذا العام، والذي يصادف الأول من نوفمبر 1954م، في سياق استكمال بناء دولتهم الجديدة بعد انتهاء الانتخابات التشريعية وقبل أيام من انطلاق الانتخابات المحلية في الـ27 من نوفمبر الجاري، والسير على خطى الأجداد في إعادة تأسيس وبناء الدولة الحديثة.

ويحيي الجزائريون هذا اليوم من كل عام استذكارا لحرب طويلة انتهت بإعلان استقلال البلاد في الخامس من يوليو عام 1962 وإعلان قيام الجمهورية الجزائرية في الـ25 من سبتمبر ذلك العام.. وجاءَ الاستقلال نتيجة استفتاء تقرير المصير في الأول من يوليو، المنصوص عليه في اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، وأعلن على إثره ميلاد الجمهورية الجزائرية ومغادرة مليون من الفرنسيين القابعين في الجزائر منذ عام 1830م.

وتتزامن الاحتفالات بعيد الثورة هذا العام مع أزمة متصاعدة مع فرنسا، بعد تصريحات لرئيسها إيمانويل ماكرون، وصفت بـ"المسيئة"، حيث طعن في تاريخ الجزائر، ما أدى إلى سحب الأخيرة سفيرها من باريس، ومنع تحليق الطيران العسكري الفرنسي في أجوائها.

ودفعت الجزائر ثمنا باهظا من أجل نيل هذا الاستقلال، يتمثل في مليون ونصف المليون شهيد سقطوا في ظرف 7 أعوام، فضلا عن ما يزيد على 3 ملايين آخرين على مدى 132 عاما قضاها الاحتلال الفرنسي على أرض الجزائر، وهو ما أكده الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي قال إن تعداد شهداء الجزائر الذين سقطوا خلال فترة الاستعمار الفرنسي يبدأ من أول ضربة مدفع في عام 1830م.

ومنذ عام 1830، خاض الجزائريون مقاومات شعبية مسلحة متفرقة ومنعزلة ضد المستعمر الفرنسي، بدأت مع الأمير عبد القادر إلى المقراني والحداد ولالا، وفاطمة نسومر، ورغم شراستها إلا أن الاستعمار الفرنسي تمكن من وأدها.

واستمر المستعمر الفرنسي في رفض الحوار من أجل الاستقلال، ورد بأساليب شتى من القمع والقتل والسجن والنفي والتضييق على الحريات، وتزوير الانتخابات، وأمام هذا الواقع وجدت الحركة الوطنية الجزائرية نفسها أمام خيار واحد لاسترجاع الحرية والاستقلال، وهو الكفاح المسلح.

وتواصلت العمليات العسكرية بقيادة جيش التحرير انطلاقاً من الحدود المغربية والتونسية، بالإضافة إلى تدويل القضية الجزائرية عبر النشاط الدبلوماسي المكثف، وإدراج القضية ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وانتهت الحرب بإعلان استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962، وهو نفس التاريخ الذي أعلن فيه احتلال الجزائر في سنة 1830.. وتلا إعلان الاستقلال الجنرال الفرنسي شارل ديجول عبر التلفزيون، مخاطباً الشعب الفرنسي.

وقد عرفت الجزائر صعوبات في المرحلة الانتقالية ما بين وقف القتال وتأسيس الحكومة الأولى للجزائر المستقلة (صراعات في اجتماعات المجلس الوطني، الثورة الجزائرية في طرابلس، وعمليات عنيفة مسلحة داخل الجزائر وعمليات اغتيال عدة قامت بها منظمة الجيش السري الفرنسية التي طبقت سياسة الأرض المحروقة وطلبت من جميع الأوربيين مغادرة الجزائر إلى فرنسا).

وبهذه المناسبة.. استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الاثنين بقصر الشعب بالجزائر العاصمة، رؤساء وفود الدول الإفريقية والعربية التي شاركت في مراسم الاحتفال بالذكرى ال67 لاندلاع الثورة التحريرية.

وكانت السلطات الجزائرية، قد أطلقت مساء السبت، مبادرة "المتحف المتنقل"، احتفالاً بالذكرى الـ67 لاندلاع الثورة الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي (1830-1962).

وقال مدير متحف المجاهد بالعاصمة الجزائر مراد أوزناجي إنّ "الفعالية بهدف نشر الثقافة التاريخية لدى الجزائريين".. مضيفاً: إنّ المبادرة تنظّم تحت شعار "أمجاد على خطى الأجداد"، وتهدف أيضاً إلى تقريب الثقافة المتحفية وتكريسها في المجتمع.

وتابع: إن "المتحف المتنقل كان حلماً، واليوم تحقق، حيث يعرض صوراً وكتباً ومجسمات تحكي كفاح الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي".. مشيراً إلى أنّ "الحافلات ستجوب شوارع العاصمة، ومحطات نقل المسافرين، وبعض جامعات محافظة الجزائر".

كما أحيا نجوم المنتخب الجزائري الذكرى الـ67 لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية لعام 1954، والتي تصادف مثل هذا اليوم من كل عام، بتفاعلهم عبر حساباتهم المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولم يتأخر لاعبو منتخب "الخضر"، سواءً الحاليون منهم أو السابقون، في تهنئة الشعب الجزائري بهذه الذكرى المباركة، وأولهم سفيان فيغولي، المحترف في صفوف نادي غلطة سراي التركي، إذ كتب عبر حسابه الشخصي على موقع "إنستغرام" مصحوباً بصور خالدة من الثورة: "1 نوفمبر 1954، رجال، رجال حقيقيون".

كما أحيت سائر ولايات جنوب الوطن اليوم هذه الذكرة الخالدة بتنظيم سلسلة من التظاهرات الاحتفالية المتنوعة ثقافية واجتماعية ورياضية.

وتميزت مظاهر إحياء هذه الذكرى التاريخية العظيمة بمشاركة السلطات المحلية بتلك الولايات رفقة أعضاء الأسرة الثورية وجموع المواطنين في ساعة الصفر من ليلة أمس الأحد في مراسم رفع العلم الوطني بالمعالم التذكارية وزيارة مقابر الشهداء التي وضعت بمعالمها التذكارية أكاليل من الزهور وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواحهم الزكية.

كما تم بذات المناسبة التاريخية تكريم عديد المجاهدين وأرامل الشهداء وإقامة معارض تاريخية تبرز عديد محطات النضالات التي خاضها الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي.

وشمل المشهد الثقافي بهذه الذكرى التاريخية تنظيم الصالون الوطني السابع للفنون التشكيلية تحت شعار "نوفمبرنا بريشة فنان'' بمشاركة 30 فنانا تشكيليا من شتى ولايات الجزائر بدار الثقافة مفدي زكرياء بورقلة.

وأكد رئيس الوزراء الجزائري، ووزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، أن إحياء الذكرى الـ67 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة يعد "محطة تاريخية فارقة".

وكتب بن عبد الرحمان على حسابه الرسمي عبر "تويتر": إن "إحياء الذكرى الـ67 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة محطة تاريخية فارقة صنع من خلالها آباؤنا ثورة حررت البلاد من المستعمر البغيض".

وأضاف: "جدير بنا نحن جيل الاستقلال تحقيق ثورة اقتصادية لتحرير وطننا من التبعية الاقتصادية وصولا إلى الاكتفاء الذاتي في كل الميادين".

وأكد بالقول: "وجب علينا أن نعمل بإخلاص وإرادة قوية لتحقيق هذا الطموح تجسيدا للالتزامات ال54 للسيد رئيس الجمهورية، التزامات مستوحاة من قيم ومبادئ أول نوفمبر 54 التي على عهدها باقون".

وخلص بن عبد الرحمان الى القول: "تحيا الجزائر حرة، أبية، عزيزة، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار".

وفي كلمة له بالمناسبة أبرز المدير العام للاتصال والإعلام والتوثيق بوزارة الخارجية الجزائرية السفير نور الدين سيدي عابد، أن الجزائر "البلد الذي يعود تاريخه لآلاف السنين، والذي لا يباهيه في ذلك إلا عدد شهدائه، تتعرض اليوم لهجمات وحملات عدائية تستهدف هويتها ووحدتها، واستقلال قرارها".. وهو ما يعد "دليلا ساطعا على أن الجزائر تسير على النهج السوي وهي مصممة على الدفاع على مصالحها الحيوية وأمنها بدون هوادة، واستعادة دورها الريادي ومكانتها التي تستحقها".

بدوره أكد وزير الاتصال اللجزائري، عمار بلحيمر، أن بلاده اليوم محصنة بفضل تماسك جبهتها الداخلية والسياسة الرشيدة للدولة من أجل بناء وطن متطور ومتضامن.. داعيا الى استكمال تشييد هذا الصرح بالمشاركة "الفعالة" في الانتخابات المحلية المقبلة.

وقال: إن الجزائر تحيي هذه المناسبة "بكل فخر وإجلال".. مذكرا بأن هذه الثورة المجيدة "علمت تاريخ البشرية ببطولات أضحت نماذج يقتدي بها أحرار العالم أجمع".

وأضاف: إن "هذه الذكرى العظيمة التي تلخص عناصر قوة الأمة الجزائرية المرتكزة على حب الوطن والاتحاد والأخوة والتضامن، تلهمنا من أجل الوفاء لتضحيات السلف وتلقين الناشئة القيم العليا والمبادئ السامية التي بها تبنى الجزائر وتزدهر".

فلسطينياً.. أرسل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية رسالة تهنئة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بهذه المناسبة.. أشار فيها إلى افتخار الشعب الفلسطيني بثورة التحرير الجزائرية، قائلاً: "هذه الذكرى العظيمة التي يحتفل بها الشعب الجزائري الشقيق، فخراً واعتزازاً بالشهداء الأبطال الذين ضحّوا بدمائهم وأرواحهم في سبيل تحرير بلادهم من المستعمر البغيض وتحقيق الاستقلال".

كما أشار إلى أن الشعب الفلسطيني يستحضر باعتزاز تضحيات رجال الثورة الأبطال وشهدائها الأبرار، ويقتبس من بطولاتهم معاني المقاومة والتضحية والصمود.

وأكد هنية أن "الشعب الفلسطيني اليوم يستلهم من هذه الثورة التحريرية المباركة معالم الطريق في مشروع نضاله نحو تحرير الأرض والمسرى والأسرى، وتحقيق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".

وفي ختام رسالته عبر هنية عن اعتزاز الحركة وتقديرها لدور الجزائر التاريخي والمشرف في الدعم والتضامن مع القضية الفلسطينية ورفضها التطبيع مع الاحتلال.

من جهته قال الكاتب الفلسطيني عبد الناصر عوني فروانة: "نحن كفلسطينيين نقدر الجزائر ونعتز بمواقفها ونعشق ترابها، ونحب شعبها ونفخر بتاريخها ونتعلم من دروسها وتجربتها الرائدة بشقيها السياسي والعسكري".

وأوضح أن الجزائر ما زالت رائدة ومتميزة بتجربتها الاعلامية المساندة للأسرى وقضاياهم.. وهنا لابد من الاشادة بدور الاعلام الجزائري في احتضان قضية الأسرى وتخصيص مساحات واسعة في الصحف الجزائرية.

وأضاف: "نحن شعب يُقدر عالياً الاهتمام الجزائري، والدعم الرسمي والشعبي للشعب الفلسطيني وقضيته، وستبقى صرخة رئيسها السابق" هواري بومدين (نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة) تصدح في آذاننا، لأنها ليست مجرد صرخة من رئيس غادر سدة الحكم وفارق الحياة، بل لأنها صرخة توارثتها الأجيال، ورددها الرؤساء المتعاقبين للجزائر الشقيقة وشعبها العظيم، ليؤكدوا بأن فلسطين حاضرة ولم تغبْ عن أذهان وعقول وقلوب الجزائريين كل الجزائريين، لهذا لم ولن ننسى الجزائر التي حُفر اسمها في سفر تاريخنا وثورتنا، وهي دائمة الحضور في قلوبنا وعقولنا ويوميات حياتنا.. وصدق من قال: من الأوراس الى الكرمل، الثورة مستمرة".

الجدير ذكره أن هذه المناسبة التاريخية العظيمة تشكل فرصة سنوية لاستذكار النضالات وملاحم الكفاح المتعددة الأوجه التي خاضتها ساكنة المنطقة على غرار الشعب الجزائري كافة ضد المستعمر الفرنسي من أجل استرجاع السيادة الوطنية وحماية التراب الوطني كاملا والذي كانت تستهدفه أطماع الاستعمار البغيض من خلال ما يسمى بسياسة فصل الصحراء عن باقي أجزاء التراب الوطني، وذلك بإجهاض كافة مخططاته المسمومة في هذا الاتجاه.

ويشار إلى ثورة التحرير الجزائرية جرت بين عامي 1954 و1962 وانتهت بمغادرة الاستعمار الفرنسي للبلاد بعد فترة احتلال دامت أكثر من 130 سنة (منذ 1830).