في الذكرى الثالثة لاغتيال خاشقجي.. غياب العدالة حتى الآن والمطالبة بالقصاص من مرتكبي الجريمة البشعة


https://www.saba.ye/ar/news3158167.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
في الذكرى الثالثة لاغتيال خاشقجي.. غياب العدالة حتى الآن والمطالبة بالقصاص من مرتكبي الجريمة البشعة
[03/ أكتوبر/2021]

عواصم-سبأـ:

ستظل جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده في إسطنبول قبل ثلاث سنوات شاهدة على بشاعة وعدوانية النظام السعودي ومدى التجاوزات والانتهاكات والجرائم التي يرتكبها هذا النظام في أكثر من مكان وزمان دون أدنى وازع.

وقتل خاشقجي (59 عاما) داخل قنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر 2018، ومرت قضيته بـ 14 محطة بارزة، أحدثها تقرير للاستخبارات الأمريكية، في تأكيد لقوة حضور القضية التي لا يزال جثمان صاحبها غائبا.

وخلفت جريمة اغتيال الصحفي خاشقجي الذي يعمل للواشنطن بوست ضجة عالمية لكن حتى الآن لم يتم معاقبة مرتكبي هذه  الجريمة البشعة.

ثلاث أعوام انقضت على قتل خاشقجي في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية حيث كانت أغرب جريمة يتعرّض لها صحفي منذ سنوات، إذ قُتل في دولة أخرى كان يعتقدها آمنة، لكن درجة الأمان لم تصل إلى داخل القنصلية السعودية حيث دخل الرجل ولم يخرج، أو دخل حياً وخرج منها أشلاءً كما ذكرت  المصادر التركية الرسمية.

وتوصل تقرير صدر في يونيو 2019، أعدته المقررة الخاصة للأمم المتحدة أغنيس كالامار، إلى أن مقتل خاشقجي "يُعد جريمة قتل خارج القانون تتحمل السعودية مسؤوليتها".

وكشف أيضا عن أن هناك "أدلة موثوقة" تستدعي فتح تحقيق في تورط الأمير محمد بن سلمان وغيره من كبار المسؤولين رفيعي المستوى في السعودية في القتل. وقالت إن الأمير ينبغي أن يخضع للعقوبات التي فرضتها بالفعل دول أعضاء في الأمم المتحدة على بعض الأفراد الذين يعتقد أنهم متورطون في القتل.

وأضافت كالامار أن التحقيقات التي أجرتها السعودية وتركيا لم تف بـ "المعايير الدولية".

ووجهت تركيا اتهامات لأكثر من 20 سعودياً، منهم النائب السابق لرئيس المخابرات العامة أحمد عسيري، والمستشار السابق في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، وقالت إنهما المدبران الرئيسيان لعملية الاغتيال. لكن الرياض رفضت تسليم المتهمين.

من جانبها، وبعد نفي في البداية، بدأت الرياض تحقيقات صورية لا ترقى الى حجم الجريمة وانتهت إلى تأكيد مقتل خاشقجي في القنصلية، وحكمت على خمسة متهمين بالإعدام وسجن ثلاثة آخرين بعد سلسلة جلسات، لكن لم يكن بينهم عسيري ولا القحطاني. وهو حكم وصفته أنييس كالامار، المقررة السابقة في الأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء بـ"المهزلة".

كما انتقدته الخارجية التركية، ووصفته خطيية خاشقجي خديجة جنكير بـ"الاستهزاء بالعدالة" بينما اعتبرته أسرة خاشقجي في السعودية "إنصافا" لها، وقامت لاحقا بالعفو عن القتلة، ما دفع لإلغاء تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهمين الخمسة، والاكتفاء بالسجن للحالات الثمانية ما بين 7 و 20 عاما.

وكان خاشقجي قبل مدة داعماً لسياسات القصر السعودي ومدافعا عنها، لكن في السنتين الأخيرتين من عمره، تحوّل إلى ناقد كبير لسياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولم يكن راضياً عن طريقة تدبير مجموعة من الملفات كما تدل على ذلك مقالاته وآراؤه.

وانتقد خاشقجي استمرار حرب اليمن، وتحكم بن سلمان في الإعلام، كما انتقد تحالفه مع ترامب في قضايا كان يعتبر أنها تضرّ بالسعودية، وكذلك فعل مع ما اعتبره تمويلا سعوديا ضخما لـ"نحر  الديمقراطية" في مصر.

خلافا لنهج سلفه دونالد ترامب، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في حملته الانتخابية وكذلك في خطاب تنصيبه أن حقوق الإنسان ستصبح محور السياسة الخارجية لإدارته. الآن وبعد حوالي تسعة أشهر من توليه منصبه، ماذا بقي من هذه الوعود؟

ربما يكون ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان قد أفلت من عقاب مباشر بعد توجيه تقرير للمخابرات الأمريكية أصابع الاتهام له في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، لكن يبدو أن تلك الجريمة ستظل تطارده وتقض مضجعه، برأي محللين.

وواجهت الأحكام السعودية بحق متورطين بمقتل خاشقجي انتقادات، أبرزها من المقررة الأممية لحالات الإعدام خارج القضاء كالمار والتي وصفت المحكمة "بالمهزلة". اليوم انضمت خطيبة الصحفي المغدور والاتحاد الأوروبي إلى قائمة المنتقدين.

وبعد انتظار كبير، جاء تقرير استخباراتي أمريكي رسمي ليؤكد أن الأمير صاحب النفوذ الكبير وافق إما على اعتقال أو قتل خاشقجي، وهو ما رفضته السعودي بشدة وقالت إن استنتاجاته غير صحيحة، لكن بن سلمان عاد لاحقا ليقر بمسؤوليته "غير المباشرة" في الاغتيال، وذلك لأن الجريمة "وقعت وهو في السلطة".

بدورها، صرحت أغنيس كالامار أكثر من مرة أن محمد بن سلمان، هو "المشتبه به الرئيسي"، في الجريمة، وانتقدت بشدة عدم اتخاذ واشنطن إجراءات ضده رغم ما جاء في معلومات الاستخبارات.

كما دعت "هيومن رايتس ووتش" و41 منظمة أخرى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى فرض عقوبات بموجب "قانون ماغنيتسكي العالمي للمساءلة بشأن حقوق الإنسان" على المسؤولين السعوديين المتورطين ومنهم بن سلمان.

أثرت القضية على العلاقة الأمريكية-السعودية، ومن دلالات ذلك ان الرئيس جو بايدن، الذي أكد أن عهده سيتخلف عن عهد سابقه ترامب فيما يخصّ احترام حقوق الإنسان، لم يتحدث إلى الآن بشكل مباشر إلى محمد بن سلمان، ولم يزر السعودية إلى الآن مسؤولون أمريكيون كبار باستثناء مستشار الأمن القومي جيك سولفيان الذي سافر للرياض نهاية الشهر الماضي لهدف ترتيب محادثات وقف إطلاق النار في اليمن.

ولا تزال تركيا تحاكم غيابيا 26 سعوديا مرتبطين بالقضية، لكن المنظمات الحقوقية تتخوّف من تأثير سياسي على القضاء، خصوصاً لتطور العلاقات التركية-السعودية خلال الآونة الأخيرة، بناءً على رغبة من تركيا لتجاوز التوترات الإقليمية.

وفي الولايات المتحدة، تستمر الضغوط الحقوقية لأجل جلب المتسببين بالجريمة إلى المحاكمة، ولأجل دفع الرياض إلى إجراءات إصلاحات حقوقية وإطلاق سراح معتقلي الرأي. كما تحضر القضية في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والرياض، خاصة أن الطرف الأول كان قد انتقد بشكل مخفف الأحكام الصادرة في السعودية، لكن بروكسل استمرت في علاقاتها مع الرياض، وبدأ الطرفان مؤخراً حوارا حول حقوق الإنسان.

لكن في الإعلام القضية تثار تحديداً كلما اقتربت ذكرى الاغتيال، وكلما نُشرت معلومات جديدة حولها. كما تحضر القضية كذلك في الإنتاجات التلفزيونية، فقد فاز وثائقي "مملكة الصمت" للمخرج ريك رولي بجائزة إيمي الأمريكية في صنف الوثائقي السياسي، كما أخرج بريان فوغل وثائقيا بعنوان "المنشق" (أو المعارض) حول الجريمة، عرض تفاصيل جديدة حول يوم الاغتيال، وشارك فيه ضيوف وازنون.

هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.

واختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. وتعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.

وجدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إدانة بلاده للجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي التي وصفها بالبشعة وذلك في الذكرى السنوية الثالثة لمقتله .

وقال بلينكن في تغريدة على تويتر مساء السبت "نكرم جمال خاشقجي وندين مجددا قتله البشع. نقف مع المناصرين الذين يعملون على حماية حقوق الإنسان عالميا، وسنستخدم (سياسة) حظر خاشقجي ووسائل أخرى لردع القمع العابر للحدود في أي مكان، للحيلولة دون تكرار مثل هذه الجريمة الفظيعة".

كما شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن، مساء الجمعة، فعاليات لإحياء الذكرى الثالثة لمقتل خاشقجي.

وانضمت الباحثة التركية خديجة جنكيز إلى مجموعة من النشطاء الحقوقيين بمشاركة منظمة "الديمقراطية الآن في العالم العربي"، في وقفة احتجاجية أمام السفارة السعودية في العاصمة الأمريكية، وهم يحملون صور خاشقجي ولافتات تطالب بـ"العدالة لخاشقجي".

وقالت خديجة جنكيز، في تغريدة عبر حسابها على تويتر، إنه "بعد 3 سنوات من القتل الوحشي لجمال خاشقجي، نقف أمام السفارة السعودية في واشنطن، وما زلنا نبحث عن العدالة لجمال".

 وأرفقت جنكيز صورتها أمام السفارة السعودية حاملة صحيفة واشنطن بوست وعلى صفحتها الأخيرة صورة خاشقجي مع سؤال: "أين الجثة؟"، في إعلان مدفوع من منظمة "الحرية أولا" (Freedom First).

وشهد مبنى الكونغرس الأمريكي وقفة احتجاجية أخرى أمامه، أزيح خلالها الستار عن صورة ضخمة لخاشقجي، كما نظمت مؤسسات حقوقية ندوات وفعاليات أخرى لإحياء ذكرى خاشقجي.