تحت شعار "فجر التغيير".. الجزائريون يختارون ممثليهم في البرلمان غداً


https://www.saba.ye/ar/news3143474.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
تحت شعار
[11/ يونيو/2021]

الجزائر- سبأ: مرزاح العسل

في أول استحقاق جزائري منذ إنهاء الولاية الرئاسية الخامسة لعبدالعزيز بوتفليقة وتحت شعار "فجر التغيير".. يتوجه الناخبون صباح غدٍ السبت، إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم بالمجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب في البرلمان الجزائري) لعُهدة تاسعة.. في ظل رفض جزء من المعارضة والحراك المناهض للنظام.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية، أنه لإنجاح هذا الاستحقاق "الهام" سيجري في ظل إطار قانوني جديد ضامن للنزاهة والشفافية ووسط إجراءات وقائية فرضتها الوضعية الصحية الاستثنائية، وسيشهد تطبيق بروتوكول صحي خاص أعدته السلطة المستقلة للانتخابات تطبيقا لتدابير الحد من انتشار فيروس كورونا، وتجندت مختلف مؤسسات الدولة لضمان السير الحسن للعملية الانتخابية.

ودُعي أكثر من 24 مليون ناخب لاختيار 407 نواب جدد في المجلس لمدة 5 سنوات، وعليهم الاختيار من بين ما يقارب 1500 قائمة - أكثر من نصفها مستقلة أي أكثر من 13 ألف مرشح، ورُصدت ميزانية قدرها 8،8 مليار (د.ج) موجهة لتغطية النفقات المتعلقة بتحضير وتنظيم الانتخابات التشريعية.

وستشهد الانتخابات التشريعية التي تشارك فيها 1483 قائمة، منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة لمترشحين أحرار، تغييرا جذريا في العملية الانتخابية من خلال تبني نمط انتخاب جديد يتمثل في طريقة الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة والتي من شأنها تكريس خيار الناخب وإيصاد الباب أمام المال الفاسد.

وتُعد هذه الانتخابات سابع انتخابات برلمانية منذ 30 عاما، بعد أن احتكر حزب جبهة التحرير الوطني (الذي قاد حرب التحرير ضد الاحتلال الفرنسي) العمل الحزبي منذ الاستقلال في عام 1962 دون أن يتاح النشاط القانوني لأي حزب آخر.

وتأتي هذه الانتخابات في إطار إصلاحات سياسية وعد بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بعد احتجاجات عامة أجبرت سلفه عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة في عام 2019 بعد أن قضى 20 عاما في سدة الحكم.

وكان تبون قد حدد 12 يونيو موعدا للانتخابات التشريعية المبكرة بعد أن أعلن في فبراير الماضي عن حل المجلس الشعبي الوطني.. وعلى الرغم من ضعف المشاركة في استفتاء أُجري العام الماضي صوت الناخبون الجزائريون لصالح إجراء تعديلات في الدستور تمنح مزيدا من السلطات لرئيس الوزراء والبرلمان.

وانطلقت الخميس، عملية التصويت في مختلف المناطق النائية المنتشرة، عبر المحافظات الجزائرية، خاصة جنوب البلاد في إطار الانتخابات التشريعية للسبت القادم.

وذكرت الوكالة الجزائرية، أن التصويت بدأ في 34 مكتباً متنقلاً تتوزع على مختلف المناطق المعزولة والحدودية بولايات ورقلة، وتندوف، وتمنراست، وإيليزي، وجانت وعين قزام، بهدف تمكين نحو 33 ألفاً و890 ناخباً مسجلاً في القوائم الانتخابية من أداء واجبهم الانتخابي في أحسن الظروف.

كما انطلقت أمس عمليات التصويت لأبناء الجالية الجزائرية في الخارج، عبر مختلف الممثليات القنصلية الجزائرية، المنتشرة عبر العالم.. والتي ستتواصل في المكاتب المتنقلة ولأبناء الجالية، إلى غاية يوم الاقتراع.

ويحق لمليون جزائري في الخارج الإدلاء بأصواتهم، وهم موزعون وفق الخريطة الانتخابية على 4 مناطق، وتحوز كل منطقة على مقعدين.. وتستأثر فرنسا بـ4 مقاعد من المقاعد الـ8، بسبب العدد الكبير للجالية الجزائرية في هذا البلد.

 وتضم المنطقة الأولى باريس وشمال فرنسا، فيما تضم المنطقة الثانية مارسيليا ومدن الجنوب الفرنسي، وتضم المنطقة الثالثة كامل المنطقة العربية ودول آسيا وأفريقيا وأستراليا، فيما تضم المنطقة الرابعة أوروبا والولايات المتحدة.

ويذكر أن الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية انتهت عند منتصف ليل يوم الثلاثاء الماضي.. وفي نهاية الحملة التي غاب عنها الجمهور بسبب الوباء، دعت الأحزاب الموالية للحكومة ووسائل الإعلام الرسمية إلى "المشاركة بقوة في هذه الانتخابات المصيرية من أجل استقرار البلاد".

وتشكل نسبة المشاركة الرهان الرئيسي بعدما شهد الاستحقاقان الانتخابيان السابقان (الاقتراع الرئاسي العام 2019 والاستفتاء الدستوري العام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت بلغت 60 في المائة و76 في المائة على التوالي.

وفي مارس الماضي، أصدر الرئيس الجزائري أمرا يحدد بموجبه الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخابات أعضاء المجلس الشعـبي الوطـني أو الغرفة الأولى بالبرلمان الجزائري والتي يبلغ عددها 407 وأعضاء مجلس الأمة المنتخبين البالغ عددهم 116.

وتوزع المقاعد لكل دائرة انتخابية في انتخاب المجلس الشعبي الوطني بحسب عدد سكان كل ولاية، كما يحدد عدد المقاعد في كل دائرة انتخابية على أساس تخصيص مقعد واحد لكل 120 ألف نسمة على أن يخصص مقعد إضافي لكل حصة متبقية تشمل 60 ألف نسمة.

ولا يمكن أن يقل عدد المقاعد عن 3 بالنسبة للولايات التي يقل عدد سكانها عن 200 ألف نسمة.. وحدد القرار عدد المقاعد في الدائرة الانتخابية للجالية الجزائرية بالخارج في انتخاب المجلس الشعبي الوطني بـ8 مقاعد.

وقال الرئيس الجزائري خلال زيارة أجراها إلى مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الخميس: إن "المواطن هو صاحب القرار السيد في اختيار ممثليه في المجلس الشعبي الوطني القادم".. مشددا على أن "صندوق الاقتراع سيكون الفاصل في تحديد من سيختاره الشعب لتمثيله في البرلمان".

وأكد أن هذا الاستحقاق يعد "فرصة أولى للشباب والمستضعفين ماديا، ليكونوا ممثلين عن الشعب لا سيما في ظل استبعاد المال الفاسد وغير الفاسد من العملية الانتخابية" وهو ما يجسد، "تحقيق تمثيل حقيقي للمواطن".

وخاطب المشرفين على قاعة العمليات الخاصة بالسلطة، قائلاً: "أنتم صمام أمان بالنسبة للثقة التي سيضعها المواطن مستقبلا في مؤسساته".. مشيرا الى أنه شرع كمرحلة أولى في تجديد المؤسسة التشريعية وقريبا ستتبعها انتخابات المجالس البلدية والولائية وهي المؤسسات القريبة من الحياة اليومية للمواطن".

وكان الرئيس تبون قد عبر في رسالة له بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذاكرة عن ثقته بأن الجزائريين "تحذوهم الإرادة والوعي لتثبيت أسس الاختيار الديمقراطي الحر الكفيل بإرساء دولة المؤسسات والحق والقانون وبناء الجزائر السيدة القوية التي يحلم بها الشهداء والمجاهدون".

ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، حذر رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق سعيد شنقريحة من "أي مخطط أو فعل يهدف الى التشويش على سير العملية الانتخابية".

وقال: إنه "من أجل تأمين وضمان السير الحسن لهذا الاستحقاق الوطني الهام والسماح للمواطنين بالتعبير عن أصواتهم في جو من السكينة والطمأنينة والاستقرار، فإن كافة القيادات مطالبة بالتطبيق الصارم للتعليمات والتوجيهات الصادرة عن القيادة العليا في هذا الشأن والسهر على إفشال أي مخطط أو عمل، قد يستهدف التشويش على هذه الانتخابات أو التأثير على مجرياتها".

بدوره، أكد رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش على المسؤولية "التاريخية" الملقاة على هيئته في "السهر على صحة أول عملية انتخابية في ظل دستور الجزائر الجديدة ونظام الانتخابات الجديد".

أما وزير الاتصال، والناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر، فقد شدد على أن الاقتراع "ينبغي أن يتم في جو من الهدوء حتى يتمكن المواطنون من ممارسة حقهم الذي يكفله لهم الدستور، بكل حرية".. معتبرا أنه "يجب معاقبة جزائيا وبأقسى طريقة كل عمل يرمي إلى منع المواطنين من ممارسة حق أساسي وهو الفعل الانتخابي".

وكشف أن هذا الموعد الانتخابي سيجري بحضور وسائل الإعلام الأجنبية التي تم قبول "90 في المائة من طلبات الاعتماد" الخاصة بها، مع "إقصاء 3 أو 4 أجهزة إعلامية لا مكان لها في بلدنا، لأنها ساندت بطريقة مغرضة بعض الحركات الممنوعة" حسب الوزير.

ويشار إلى أن الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية التي انطلقت يوم 20 مايو الماضي واختتمت منتصف ليلة الثلاثاء الماضي، جرت في إطار تدابير جديدة جاء بها القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، على غرار حظر استخدام المترشحين أو الأشخاص المشاركين في الحملة لخطاب الكراهية وكل أشكال التمييز، وتم قبيل انطلاقها، التوقيع على ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية من طرف رؤساء الأحزاب السياسية وممثلي القوائم المستقلة.

الجدير ذكره أن حزب "جبهة التحرير" انفرد بالحكم منذ الاستقلال في 1962 ثم هيمن على الحياة السياسية منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم في 1999.. لكن شعبيته تراجعت مؤخراً حيث حصل في آخر انتخابات على 161 مقعدا من إجمالي 462 (نحو 35 في المائة من المقاعد).

ورغم ذلك مازال الحزب يتمتع بنقاط قوة فالرئيس عبدالمجيد تبون، مناضل قديم في الحزب، كما أن "جبهة التحرير" مازالت تحافظ على هياكلها ومقراتها، رغم الزج بالعديد من قياداتها ورجال الأعمال الداعمين لها في السجون، إلا أنه لم يتم حلها.

وكان حلفاء بوتفليقة يمثلون أغلبية ساحقة في مجلس النواب المنحل الذي انتُخب في مايو من عام 2017 لمدة 5 سنوات.. وتعهد تبون، الذي انتُخب في ديسمبر 2019، بإجراء تغييرات سياسية واقتصادية في مسعى لإنهاء الحركة الاحتجاجية التي تطالب برحيل النخبة الحاكمة كلها.

ومن الأحزاب المتنافسة في هذه الانتخابات (التجمع الوطني الديمقراطي برئاسة الطيب زيتوني- حركة مجتمع السلم برئاسة عبد الرزاق مقري- حركة البناء الوطني والتي يرأسها عبدالقادر بن قرينة- جبهة العدالة والتنمية التي يتزعمها عبد الله جاب الله).

فيما برزت 4 أحزاب سياسية على الأقل مؤخرا حيث بدت أكثر حضورا خلال الحملات الانتخابية، وأول هذه الأحزاب هو حزب (جيل جديد)، الذي يقوده جيلالي سفيان، وثانيها حزب (الفجر الجديد) الذي يقوده الطاهر بن بعيبش، أما الحزب الثالث فهو حزب (صوت الشعب)، الذي يشارك للمرة الأولى في الانتخابات البرلمانية، ورابع تلك الأحزاب الجديدة التي تخوض الانتخابات النيابية للمرة الأولى، هو حزب (طلائع الحريات)، الذي أسسه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس.

وتحظى قوائم المستقلين بتشجيع من السلطات عبر منح المرشحين دون سن الـ40 تمويلا لحملاتهم الانتخابية.. وتواجه عقبة كبيرة تتمثل في عتبة 5 في المائة من أصوات الناخبين التي يجب أن تتجاوزها القائمة على المستوى الوطني للحصول على مقاعد.

ويترقب الجزائريون تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي وعد بها تبون بعد خلافة بوتفليقة الذي تنحى بعد عقدين في السلطة.. فيما توقع محللون حصول الإسلاميين المعتدلين على غالبية بسيطة في مجلس النواب المقبل.

ويذكر أن حزب العمال اليساري يقاطع هذه الانتخابات.. وبرر الحزب مقاطعته للانتخابات بعدم القدرة "على تصحيح القرارات غير الاجتماعية المتخذة من طرف الحكومة".

كما تخشى السلطات من مقاطعة جديدة للناخبين في منطقة القبائل، وخصوصا أنهم متمردون تقليداً على السلطة المركزية، وحيث كانت المشاركة شبه معدومة خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة في 2019 و2020.

ومن غير المستبعد أن يتكرر هذا السيناريو، خصوصا أن التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية (علماني) وجبهة القوى الاشتراكية (يسار)، أكثر الأحزاب انتشارا في منطقة القبائل، لن يشاركا في الاقتراع.