التطبيع المغربي .. القرار للملك والتوقيع لرئيس الوزراء والتبرير للحزب


https://www.saba.ye/ar/news3129347.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
التطبيع المغربي .. القرار للملك والتوقيع لرئيس الوزراء والتبرير للحزب
[20/ فبراير/2021]

 

عواصم – سبأ : تقرير .. محمد ناجي

"التطبيع إبادة جماعية" هذه المقولة لرئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني في مقال له نشر قبل (24 عاماً) اعتبر فيه أن التطبيع "أفضل أداة تفتّق عنها المكر الصهيوني" بهدف "إقامة إسرائيل الكبرى .. الحلم المعروف للصهيونية" وأنه يقوم على باطل كونه يُطالب المظلوم المطارد بمصالحة الظالم .

 وحديثا لم يتغيّر موقف العثماني من التطبيع مع الكيان الصهيوني بعد أن أصبح رئيساً للحكومة المغربية بصفته الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي عرّف عن نفسه بصفته "حزباً سياسياً وطنياً يسعى انطلاقاً من المرجعية الإسلامية" إلى الإسهام في بناء مغرب ديموقراطي حديث"، فأصدر بياناً باسم الحزب يُدين التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني قبل 4 شهور .. مُعتبراً التّطبيع "دعماً للعدوان على الشعب الفلسطيني وشرعنة لاغتصاب الأراضي الفلسطينية".

وأعلن رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني يوم الأحد الموافق 24/08/2020 رفضه أي تطبيع للعلاقات مع الكيان الصهيوني. وقال العثماني أمام اجتماع لحزب العدالة والتنمية، ذي التوجه الإسلامي، والذي ينتمي إليه، إن المغرب يرفض أي تطبيع مع "الكيان الصهيوني" لأن ذلك يعزز موقفه في مواصلة انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.

وجاءت تصريحات العثماني قبل زيارة قام بها جاريد كوشنر المستشار الكبير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره للمنطقة، وبعد تطبيع الإمارات مع الكيان الصهيوني.

وقال العثماني موضحا "موقف المغرب ملكا وحكومة وشعبا هو الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك ورفض أي عملية تهويد أو التفاف على حقوق الفلسطينيين والمقدسيين وعروبة وإسلامية المسجد الأقصى والقدس الشريف".

وتابع المسؤول المغربي حينها قائلا "هذه خطوط حمراء بالنسبة للمغرب ملكا وحكومة وشعبا وهذا يستتبع رفض كل التنازلات التي تتم في هذا المجال، ونرفض أيضا كل عملية تطبيع مع الكيان الصهيوني". مضيفا "كل عملية تطبيع مع الكيان الصهيوني هي دفع له وتحفيز كي يزيد في انتهاكه لحقوق الشعب الفلسطيني والالتفاف على هذه الحقوق التي تعتبر الأمة الإسلامية كلها معنية بها وبالدفاع عنها".

لكن يبدو أنَّ العثماني لم يكن يعلم أنَّ ملك المغرب والحاكم الفعلي للبلاد محمد السادس ، يُدبّر مع الأمريكيين والصهاينة مشهداً مُناقضاً لرأي العثماني وللشعب المغربي ككل، لتصل فيه عقدة مسلسل التطبيع إلى ذروة إثارتها عندما يلبس العثماني في المشهد عمامة التطبيع.

 وقد ظهر سعد الدين العثماني بعدها وهو يوقع على اتفاقية التطبيع في الرباط مع ممثلي الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية، كان قد سبقه إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عن حقيقة الصفقة التي يبيع فيها الغالي بالرخيص، ففي الجزء الأول منها "تستأنف المملكة علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل"، فضلاً عن تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بينهما "بما يخدم الاستقرار في المنطقة"، والجزء الثاني منها الصحراء الموجود معظمها تحت السيادة المغربية فعلاً، بإعلان ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية، ورفض إقامة دولة صحراوية مستقلة فيها، فظهر الإعلان والاتفاق وكأنهما مقايضة التطبيع مع الكيان الصهيوني بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء.

 

 ويرى المراقبون أن هذا المشهد التطبيعي،أـكد انسجام توجّهات النظام الملكي المغربي في إقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني، والتي لم تنقطع يوماً سراً وعلانية، وتوافق مع الهرولة العربية الموجهة أمريكياً باتجاه حجز مقاعدهم في الصفوف الخلفية للحلف الصهيو-أمريكي ضد محور المقاومة، ولكن الشيء الغريب في المشهد هو توقيع رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ممثلاً عن المغرب، ووجه الغرابة فيه أنه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي التوجه.

 ولعل مضمون الغرابة ،بحسب الكاتب والمحلل الفلسطيني وليد القططي، هو التناقض بين ما كان سعد الدين العثماني يكتبه عن التطبيع وما فعله في مشهد التطبيع من توقيع، والتناقض بين المبادئ الفكرية والمواقف السياسية الرافضة قطعياً للتطبيع والخطاب السياسي الراسخ للحركة الإسلامية في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، لكونها القضية الأولى والمركزية للأمة الإسلامية،فضلاً عن ذلك أن مشهد التطبيع يعد مخالفة لكل أدبيات وأفكار الإسلام الحركي الثابتة التي تعتبر "إسرائيل" كياناً غير شرعي مُقاماً على أرض إسلامية مُغتصبة، ولا يمكن الاعتراف بها والتعايش والتطبيع معها، وأنَّ الجهاد لتحرير فلسطين من الثوابت الإسلامية التي لا تخضع للمناورة والمقايضة والحسابات السياسية الصغيرة أو الكبيرة.

 ولذلك، وجد حزب العدالة والتنمية المغربي صعوبة كبيرة في تمرير توقيع أمينه العام على اتفاقية التطبيع، فقام باستدعاء كل مفردات اللغة السياسية لتبريره والهروب من تبعات المشاركة في تمرير التطبيع، كأحد أخطر استحقاقات وجوده في السلطة، وأحد أسوأ متطلبات محافظته على رئاسة الحكومة.

 ويشير الكاتب الفلسطيني الى أن حزب العدالة والتنمية رأى تأييد قرار الملك مصلحة في الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها، من خلال "دعم رئيس الحكومة المغربية والأمين العام للحزب سعد الدين العثماني في إطار مسؤولياته السياسية والحكومية، وما يقتضيه ذلك من دعم وإسناد للعاهل المغربي محمد السادس".

 وإضافةً إلى بيان الحزب، شارك في حفلة التبرير الأمين العام السابق له عبد الإله بنكيران، مُعتبراً التوقيع على التطبيع مصلحة عُليا للمغرب، وأنَّ البديل هو الخروج من السلطة، وأن "من غير المناسب أن يقف الحزب الذي يترأس الحكومة ضد قرارات الدولة"، والدولة هنا تعني الملك، والتطبيع هو السبيل لرضاه وللبقاء في السلطة. ولتمرير مشهد التطبيع، لا بد من استدعاء خطاب التبرير.

ويختتم القططي المشهد بالقول: " "إسلاميو" المغرب يلعبون لعبة تقاسم الأدوار، فيكون قرار التّطبيع للملك، وتوقيع التطبيع للعثماني، وتبرير التوقيع للحزب، ورفض التطبيع للدعوة، ليكون التطبيع المغربي مُتميزاً عن التطبيع العربي بإبداعٍ جديد يُقدَمُ فيه الحرام بنكهة إسلامية".