اتفاق بريكست .. هدية جونسون للبريطانيين


https://www.saba.ye/ar/news3121613.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
اتفاق بريكست .. هدية جونسون للبريطانيين
[27/ ديسمبر/2020]

عواصم - سبأ: فاطمة هاشم

تمكنت أخيرا بريطانيا بعد مفاوضات ماراثونية من إبرام اتفاق التجارة مع الاتحاد الأوروبي لما بعد خروجها من " بريكست "، فيما وصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاتفاق، بأنه "هدية" عيد الميلاد للبريطانيين ، وذلك في أهم تحول عالمي لها منذ ضياع الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.

فبعد أربع سنوات من المفاوضات الصعبة مع الاتحاد الأوروبي استطاعت بريطانيا من تحقيق حلمها و أبرمت الخميس المنصرم اتفاق  تجاري تاريخي بعد أسبوع  واحد فقط  من موعد انسحابها من السوق الأوروبية الموحدة أحد أكبر التكتلات التجارية في العالم.

وبدأ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يعلنان النصر التاريخي بعد البريكست ليسدل بذلك الستار على نحو 10 شهور من مفاوضات مضنية بشأن طبيعة العلاقة مع التكتل حينما تغادر المملكة السوق الموحدة .

واعتبرت لندن أن هذا الاتفاق  يحقق كل وعودها لشعبها، كما اعتبره الجانب الأوروبي أنه عادل ومتوازن، وأشادت به معظم الدول الأوروبية .

ولاقى الاتفاق ارتياحا كبيرا للعديد من الشركات البريطانية التي تعاني بالفعل من تأثير فيروس كورونا، والتي كانت تخشى حدوث اضطراب على الحدود عندما تغادر المملكة المتحدة قواعد التجارة في الاتحاد الخميس المقبل.

وأشادت لندن بغياب الرسوم كنقطة إيجابية رئيسة في الاتفاق ستساعد في الوقت ذاته في المحافظة على جزء من الميزات، التي تمتعت بها بريطانيا أساسا كعضو في التكتل .

وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني في داونينغ ستريت في بيان له: "كل ما وعد به الجمهور البريطاني خلال استفتاء عام 2016 وفي الانتخابات العامة العام  الماضي تحقق بموجب هذا الاتفاق ، ولقد استعدنا السيطرة على أموالنا وحدودنا وقوانيننا وتجارتنا ومياه صيدنا .

 وأضاف  داونينغ ستريت: "لقد انتهينا من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويمكننا الآن الاستفادة الكاملة من الفرص الرائعة المتاحة لنا ".

وبذلك تنتهي  شهورا من الخلافات بشأن حقوق الصيد وقواعد العمل في المستقبل .

فقد كان وصول صيادي الاتحاد الأوروبي مستقبلا إلى مياه بريطانيا الغنية من بين أبرز المسائل الشائكة والقابلة للاشتعال سياسيا، وآخر نقطة تم حلّها قبل الإعلان عن الاتفاق.

وكانت بريطانيا تصر مرارا على أنها ترغب باستعادة السيطرة الكاملة على مياهها، بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية إلى ضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة.

في النهاية توصل الطرفان إلى تسوية تقضي بأن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجيا عن 25% من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها 5 سنوات ونصف .

ومن أبرز ردود الأفعال المؤيدة لهذا الاتفاق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في مؤتمر صحفي لها في بروكسل " إنه اتفاق عادل ومتوازن ، وهو الشيء الصحيح والمسؤول لكلا الجانبين ".

وقالت إن الوقت قد حان لقلب الصفحة والتطلع إلى المستقبل وأن بريطانيا تضل شريكا موثوقا به .

وأشارت إلى أنه ستكون هناك فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ونصف بالنسبة لصناعة صيد الأسماك .

وسيستمر التعاون في قضايا مثل تغير المناخ، والطاقة، والأمن، والنقل .

وقالت فون دير لاين إنها شعرت "بالرضا الهادئ" و "الارتياح" لإبرام الاتفاق .

وأعرب كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشيل بارنييه عن رايه بقوله : "لم نعد مضطرين إلى مراقبة الوقت"، في إشارة إلى نهاية الفترة الانتقالية في عملية خروج بريطانيا من الاتحاد في  من ديسمبر الجاري .

وأضاف بارنييه: "اليوم يوم للراحة، لكنها راحة ممزوجة بشيء من الحزن عندما نقارن ما توصّلنا إليه من قبل بما ينتظرنا في المستقبل".

 وقالت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل إن الاتفاق أسسّ لفصلٍ جديد من علاقتنا بالمملكة المتحدة التي ستبقى شريكا مهما لألمانيا

وأضافت ميركل: "تعكف الحكومة الفيدرالية على دراسة نَصّ الاتفاق. لكننا لا نبدأ من المربع صفر المفوضية تُطلعنا على سير عملية التفاوض منذ بدايتها ".

بدوره، قال رئيس الوزراء الايرلندي مايكل مارتن إنه يعتقد أن الاتفاق تسوية جيدة ونتيجة متوازنة .

وأضاف مارتن: "لم يكن ممكنا الحصول على اتفاق بريكست أفضل من ذلك لإيرلندا وقد عملنا بجدية لتقليص الآثار السلبية".

ورحّب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز من جهته بالاتفاق الذي قال إنه سيخضع للفحص في الأيام المقبلة من جانب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي .

ومن جهته،قال رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا: "نرحب بحرارة بالاتفاق المبرم مع المملكة المتحدة على صعيد علاقتها مع الاتحاد الأوروبي ابتداءً من أول يناير المقبل .

وأضاف كوستا في بيان: "ستبقى المملكة المتحدة شريكا مهما، فضلا عن كونها جارا وحليفا .

وقال وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك إن بلاده "تعكف على دراسة صيغة الاتفاق، وتحديدا النقاط المتعلقة بمصائد الأسماك، وتكافؤ الفرص و الحوكمة .

وأعرب منسق بريكست في البرلمان الأوروبي جاي فيرهوفشتان عن أمله في أن يكون الاتفاق "خطوة أولى على طريق عودة المملكة المتحدة إلى حضن العائلة الأوروبية .

وقال فيرهوفشتان في تغريدة له على تويتر: "أخيرا تمّ التوصل إلى اتفاق تاريخي وغير مسبوق يصب في مصلحة الجميع. ورغم أنه لم يرقَ لطموحاتنا، لكنه يحافظ تماما على السوق الموحدة .

ورغم  الآراء المؤيدة للاتفاق إلا انه  حذر الطرفان من أن تغييرات كبيرة مقبلة اعتبارا من الأول من الشهر المقبل بالنسبة للأفراد     والأعمال التجارية في أنحاء أوروبا .

ولن يكون من الممكن أن يواصل مواطنو المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستفادة من حرية الحركة للإقامة والعمل على طرفي الحدود .

وأكدت بروكسل أن حرية حركة الناس والبضائع والخدمات ورؤوس الأموال بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ستنتهي .

وأضافت أن "الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سيشكلان سوقين منفصلين ، فضاءان تنظيميان وقانونان منفصلان وسيخلق ذلك قيودا في الاتجاهين على تبادل البضائع والخدمات وعلى الحركة عبر الحدود والمبادلات غير موجودة اليوم .

وقال السياسي البريطاني المخضرم مايكل هيزلتاين إن المملكة المتحدة ستصبح قريبا وحيدة إثر خروجها رسميا من الاتحاد الأوروبي فيما يُعرف إعلاميا بـ "البريكست".

 ومن جهة أخرى يبدو أن هذا الاتفاق ستكون له  نتائج خطيرة  على وحدة المملكة المتحدة فبعد الإعلان عن التوصل له قالت نيكولا ستورغن رئيسة وزراء اسكتلندا: حان الوقت لتصبح اسكتلندا "دولة أوروبية مستقلة".

 وكتبت ستورغن في تغريدة على تويتر: "بريكست يتحقق عكس إرادة شعب اسكتلندا التي صوتت بنسبة 62 % ضدّ الخروج من الاتحاد الأوروبي .. مشيرةً إلى أنه "لا يمكن لأي اتفاق على الإطلاق أن يعوّض عمّا أخذه بريكست منا .

ويعتقد الكثير من المحللين إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قدم الكثير من التنازلات في سبيل التوصل لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي ينظم العلاقات بين الجانبين بعد بريكسيت، لكنه يسعى للخروج بمظهر المنتصر،كما أن العلاقة مع أوروبا تبقى التحديات الأبرز أمام الحكومة البريطانية، فيما يخص الحدود والسفر.

وقد انتقد صيادون بريطانيون السبت الاتفاق الذي توصل إليه رئيس الوزراء البريطاني مع الاتحاد الأوروبي وقال الأتحاد الوطني البريطاني لمنظمات الصيادين إن "جونسون ضحى بمخزونات البلاد من الأسماك لصالح الاتحاد الأوروبي ضمن اتفاق "بريكست" التجاري، حيث يمنح قوارب الاتحاد وصولا كبيرا لمياه الصيد الغنية بالأسماك في المملكة المتحدة".

وذكر الاتحاد أن جونسون ضحى بصناعة الصيد ،لافتا الى أن حصة بريطانيا من سمك الحدوق في البحر الكلتي سترتفع إلى 20 من عشرة في المئة، مما يترك 80 في المئة في أيدي أساطيل الاتحاد الأوروبي لخمس سنوات أخرى، بحسب رويترز.

وتنسحب بريطانيا من السياسة المشتركة لمصايد الأسماك في الاتحاد الأوروبي في 31 يناير المقبل، لكن الاتفاق التجاري الذي توصل إليه الجانبان عشية عيد الميلاد سيترك القواعد الحالية سارية إلى حد بعيد خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ونصف.

وقالت الحكومة البريطانية إن الاتفاق التجاري عكس مكانة المملكة المتحدة الجديدة كدولة ساحلية مستقلة ذات سيادة ونص على زيادة كبيرة في حصة صياديها، وهو ما يعادل 25 في المئة من حجم ما يصطاده الاتحاد الأوروبي في مياهها.

وأضافت الحكومة البريطانية: "هذا يساوي 146 مليون جنيه إسترليني لأسطول المملكة المتحدة على مراحل خلال أكثر من خمس سنوات... إنه ينهي اعتماد أسطول المملكة المتحدة على آلية 'الاستقرار النسبي' غير العادلة المنصوص عليها في سياسة مصايد الأسماك المشتركة للاتحاد الأوروبي، ويزيد من حصة السفن البريطانية من مجمل الصيد في مياه المملكة المتحدة إلى حوالي الثلثين."

وكانت العلاقة دائما بين أوروبا والبريطانيين غير سلسة في نهاية الخمسينيات، لكن نجاح السوق الأوروبية المشتركة أثار رغبة بريطانيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ومنذ انضمام المملكة المتحدة رسميا إلى الكتلة الأوروبية، كانت الخلافات كثيرة والعلاقات يشوبها كثير من التوتر والأزمات.