ناغورني كاراباخ .. خطورة التدخلات الاقليمية في حرب تحصد الأرواح وتخلف الدمار


https://www.saba.ye/ar/news3111876.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
ناغورني كاراباخ .. خطورة التدخلات الاقليمية في حرب تحصد الأرواح وتخلف الدمار
[11/ أكتوبر/2020]

عواصم – سبأ:

لا تزال التدخلات الاقليمية خاصة من قبل تركيا تؤجج الصراع في إقليم ناغورني كاراباخ بالرغم من توصل الاطراف المتحاربة الى هدنة لوقف إطلاق النار والجلوس الى طاولة المفاوضات برعاية روسيا التي طالما سارعت الى كبح جماح النزاعات المتفجرة في مختلف بقاع العالم .

وبعد دعوات دولية متواصلة إلى هدنة في ناغورني كاراباخ، أرسلت أرمينيا وأذربيجان وزيري خارجيتيهما إلى العاصمة الروسية موسكو لبدء مفاوضات، على أمل إنهاء القتال، على الرغم من الموقف التركي المتصلب تجاه هذه القضية والمهددة بالفشل إذا لم تنسحب أرمينيا من الأقليم المتنازع عليه .

وجاءت محادثات موسكو بعد إطلاق مبادرة سلام من قبل فرنسا وروسيا خلال اجتماع في جنيف الخميس الماضي بعدما أثار تجدد القتال في نزاع يرجع لعقود مخاوف من اتساع نطاق الحرب لتشمل الدول المجاورة .

وقد وارتفع العدد الرسمي للقتلى حتى صباح الجمعة إلى أكثر من 400 قتيل، بينهم 22 مدنيا أرمينيا و31 أذربيجانيا. لكن الحصيلة قد تكون أعلى من ذلك بكثير إذ يعلن كل جانب أنه قضى على الآلاف من جنود العدو ولم تعلن باكو عن خسائرها العسكرية.

وامتدت الاشتباكات في الأيام الأخيرة ليشمل القصف المدن المأهولة، وسط اتهمات لكل جانب الآخر باستهداف المدنيين.

وقد ساد القلق في الخارج من أن يتم تدويل هذا الصراع في منطقة حيث للروس والأتراك والإيرانيين والغربيين مصالح مختلفة، لا سيما أن اذربيجان تحظى بدعم تركي فيما ترتبط موسكو بمعاهدة عسكرية مع أرمينيا.

ويحذر العديد من المراقبين من خطورة التدخلات في هذا الصراع خاصة بعد توجيه اتهامات إلى تركيا بالتدخل في النزاع عبر إرسال معدات وقوات إلى الجانب الأذربيجاني، وهو ما تنفيه.

وفي هذه الحالة لن تجدِ الدبلوماسية العادية نفعاً في حل النزاع حول إقليم كاراباخ، حسب مارك بيريني الباحث في معهد كارنيغي أوروبا والذي كان سفيراً سابقاً للاتحاد الأوروبي لدى أنقرة، إذ لا يعتقد أن هناك ما يمكن أن يدفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتحرك والاستجابة للوساطة الأوروبية، سيما وأنه أحاط أوروبا بنزاعات ملتهبة من سورية مرورا باليونان وقبرص وليبيا إلى ناغورني كاراباخ.

ويرى بيريني أن هدف أردوغان هو إزعاج وزعزعة الاتحاد الأوروبي لأسباب سياسية داخلية، وفي هذه النقطة تلتقي مصالح أردوغان مع مصالح نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وحسب رأي السفير السابق والباحث في معهد كارنيغي فإن الرئيس التركي اختار توقيت تأجيج الصراع في كاراباخ بذكاء، حيث أن "الولايات المتحدة مشغولة بالانتخابات الرئاسية الآن وروسيا لديها معاهدة دفاع مشترك مع أرمينيا لا تسري على إقليم ناغورني كاراباخ" ولهذا فإن روسيا متحفظة تجاه النزاع يضيف بيريني.

ويعتقد بيريني أن المناورات العسكرية المشتركة التي أجرتها تركيا وأذربيجان قبل شهر قد تحولت إلى "معركة حقيقية الآن" وما يجري الآن في كاراباخ كان مخططاً آنذاك.

ويرى ضرورة فرض عقوبات على تركيا ويقول ان ذلك سيكون صائباً، حيث وان الاقتصاد التركي ضعيف ويمكن أن يتأثر بذلك وخاصة الصناعة الحربية التركية، وبهذا يمكن أن يجعل الاتحاد الأوروبي أردوغان يدفع ثمناً باهظاً لمغامراته السياسية.

فيما يرى الباحث في معهد الدراسات الإقليمية في عاصمة أرمينيا ريشارد غيراغوسيان ان في التدخل الفرنسي الدبلوماسي المباشر "بصيص أمل"، حيث أن المبادرة الفرنسية تعترف بوجود مصلحة شرعية لروسيا في حل النزاع.

ويقول غيراغوسيان إن الرئيس ماكرون يحاول التصدي لموقف تركيا "العدائي" في شمال أفريقيا والشرق الأوسط والبحر المتوسط، وبذلك فإنه يرد مباشرة على استراتيجية أردوغان في المنطقة.

ويضيف الباحث الأرميني بأن على الاتحاد الأوروبي أن يرد بقوة على طموحات تركيا والتي لن تكتفي بالتدخل العسكري لأذربيجان في إقليم ناغورني كاراباخ.

ويصف رد فعل الاتحاد الأوروبي بالبطيء والرزين، حيث ازدادت التهديدات الأمنية لأوروبا حدة خلال العام الحالي 2020م، لكن جهازها السياسي والدبلوماسي البطيء لم يرق إلى المستوى المطلوب في ظل غياب الولايات المتحدة.

ويحذر الباحث الأرميني من انه "رغم كل الجهود الدبلوماسية التي تبذلها أرمينيا منذ سنوات من أجل محادثات سلام، فإنها تقف وحيدة الآن مع إقليم ناغورني كاراباخ بدون أي شركاء مع قليل جداً من الأمل في محادثات جدية" .

ويشير الى تصريحات المسئولين في يريفان بالاستعداد للعمل مع وسطاء للتوصل إلى وقف لإطلاق النار .

ويحذر المراقبون من التحالفات الاقليمية بشأن النزاع في اقليم كاراباخ، ويرون ان اشتعال النزاع بين أذربيجان وأرمينيا على الإقليم في الثاني من شهر إبريل/نيسان 2016م، أعاد إلى الأذهان خريطة التحالفات الإقليمية والدعم الدولي المقدم لكل منهما.

ويشيرون الى أن هذا الدعم يتزامن مع تطورات إقليمية مهمة، مثل تطورات الأزمة السورية وإعلان روسيا عن انسحاب قواتها الرئيسية منها، فضلًا عن الأزمة الروسية - التركية المستمرة منذ إسقاط المقاتلة الروسية.

ويحذرون من أن هذه التطورات ستجعل الحرب في الاقليم حرباً بالوكالة بحيث تستمر الاشتباكات بين الطرفين باستمرار الدعم المقدم لكليهما دون أن تنضج الظروف لتتيح إمكانية حلٍّ توافقي بين الفرقاء المحليين، ودون أن تتدحرج أيضاً إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين داعميهما الإقليميين.

ويرون أن هذا سيناريو يتضمن أيضاً تراجع حدَّة الاشتباكات لحين توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار قبل أن تعود لسابق وتيرتها في وقت لاحق على المديين القريب أو المتوسط، لكن دون أن يكون تراجع حالة التصعيد مبنياً على اتفاق بين الأطراف المتنازعة أو الداعمة.

ووفقاً لهذا السيناريو، فان الأمور ستبقى عُرضة للتطور مستقبلًا في كلا الاتجاهين، بحيث يمكن أن تتطور الاشتباكات المحلية إلى مواجهة إقليمية في حال حصول تطورات غير محسوبة، وقد توصل نتائج التصعيد الحالي الفرقاء إلى قناعة بضرورة التهدئة والحل التوافقي.