الجامع الكبير بصنعاء .. روحانية المكان ومواقيت الأذان


https://www.saba.ye/ar/news3101455.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
الجامع الكبير بصنعاء .. روحانية المكان ومواقيت الأذان
[02/ يوليو/2020]

صنعاء - سبأ :

غمدان الشوكاني

وحّد أذان الجامع الكبير بصنعاء على مدى العقود الماضية، مواقيت الأذان في مساجد العاصمة صنعاء وضواحيها، نظراً للمكانة الدينية التي يحتلها كأحد أبرز الجوامع التي بُنيت منذ فجر الإسلام وأكبرها على مستوى اليمن.

حيث يمثل الجامع الكبير بصنعاء معلماً تاريخياً وإسلامياً يحوي ذاكرة تاريخية متجذرة في أعماق اليمنيين، كما يعد مزاراً يقصده الزوار من داخل اليمن وخارجه، إذ لا يمكن لزائر مدينة صنعاء القديمة أن يرجع إلى مدينته أو قريته، دون الدخول إليه مصليّاً أو زائراً.

ويكتسب أذان الجامع الكبير بصنعاء، خصوصية ذات طابع روحاني فريد، كان مؤذنو الجامع وعبر التاريخ حتى اليوم، يكّبرون للصلوات الخمس، بمؤذنين اثنين أحدهما في المئذنة الشرقية والآخر في المئذنة الغربية، وذلك نظراً لكبر مساحة الجامع.

يقول مؤذن الجامع الكبير بصنعاء محمد السفرجل "إن الأذان بالجامع الكبير منذ القدم يتم عبر مئذنتين الشرقية والغربية، لإيصال الصوت إلى الناس عبرهما نظراً للمساحة الكبيرة للجامع، ما ميّز الجامع الكبير عن بقية جوامع ومساجد اليمن".

وأشار إلى أن الفقيد محمد الأكوع كان يؤذن للصلاة من المئذنة الشرقية قبل أكثر من أربعين عاماً، ثم خلفه نجله القاضي محمد بن محمد الأكوع، ليأتي بعده العلامة حمود السفرجل قبل خمسة وثلاثين عاماً إلى اليوم.

وأضاف "أن المؤذن علي البهلولي كان يؤذن للصلاة من المئذنة الغربية وحالياً المؤذن أحمد درهم و أحمد الحدم ".

الأذان من دوار المئذنة:

ويتابع المؤذن السفرجل "قديماً كانت لا توجد صوتيات أو مكبرات صوت للجامع الكبير ولأن مساحته كبيرة هناك مئذنتين، كان المؤذن وقت الفرض يبدأ الأذان من المئذنة الشرقية في الدوار الخاص بها، ويجيبه الآخر من المئذنة الغربية حتى إكمال الأذان".

ولفت إلى أن الأذان استمر على هذا الحال حتى جاءت مكبرات الصوت وبقي الأذان في الجامع الكبير على ذلك النحو بمؤذنين اثنين.

خصوصية الجامع الكبير:

يشير مؤذن الجامع الكبير بصنعاء السفرجل إلى أن الجامع تمّيز بخصوصية سيما ما يتعلق ببنائه وتعدد الروايات فيها والتي تؤكد أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر ببناء الجامع الكبير وتحديد موقعه وكيفية تحديد القبلة، ما جعله مرجعاً لتوقيت الأذان لكل مساجد العاصمة صنعاء وضواحيها.

وأوضح أن مؤذني الجامع الكبير بصنعاء يكبّرون للصلوات في حين تلحق الجوامع والمساجد الأخرى بعده.. وقال "هناك ربط بين الجامع الكبير وإذاعة صنعاء، قبل أن يؤذن المؤذن بالصومعة الشرقية في الجامع الكبير، يشعر الإذاعة أن وقت الأذان قد حان لفتح البث المباشر ونقل الأذان من الرحاب الطاهرة بالجامع الكبير في صنعاء".

وأضاف" حالياً يؤذن الوالد حمود السفرجل بالصومعة الشرقية ويتم مساعدته من قبل أبناؤه محمد وهلال وأحمد وأنس، بالصومعة المربوطة بالإذاعة والفضائيات ".

وذكر السفرجل أن الأذان في شهر رمضان يتم في المحراب بدلاً عن الصومعة الشرقية .. وقال "ما يميز أذان الجامع الكبير بصنعاء عن غيره من الجوامع، أداء الأذان في كل فريضة من صومعتين الشرقية من قبل المؤذن حمود السفرجل ويتم مساعدته من قبل أبناءه، فيما الصومعة الغربية للعلامة أحمد درهم ويساعده أحمد الحدم".

وتطرق إلى أن ما يميز المؤذن أيضاً دقة المواعيد والانضباط كون الجامع الكبير معلماً لكل مساجد صنعاء وضواحيها، ما يضاعف من المسئولية على المؤذن ويتطلب منه الحضور إلى الجامع قبل موعد الأذان، إلى جانب مشاركته حلقات العلم بالجامع الكبير الزاخر بالعلماء والفقهاء في مختلف العلوم الدينية والفقهية والبلاغة والنحو والصرف، للاستزادة بحصيلة معرفية خاصة في مواقيت الصلاة التي تعتمد على علم الفلك.

بين الأذان والإقامة:

بخصوص إقامة الصلاة، أوضح المؤذن السفرجل أن موعد الإقامة للصلاة يختلف من فرض إلى آخر، هناك فروض يتخللها 20 دقيقة في الوقت وفروض أخرى وقتها أقصر.

وقال" الأذان نعمة عظيمة، وقد شرفني المولى عز وجل أن أسير على منهج والدي المؤذن  حمود السفرجل في هذا الجانب، خاصة الأذان بالجامع الكبير بصنعاء المعلم التاريخي الأكبر" .. لافتاً إلى الحرص على الانضباط والالتزام بمواعيد الأذان.

يذكر أن الجامع الكبير هو أول جامع في اليمن, وثالث جامع بُني على وجه البسيطة بعد البعثة النبوية, فقد بني بعد مسجد قبا والمسجد النبوي، ويحظى بمكانة عليَّة، وأهمية بالغة في الموروث الإسلامي والمعماري والحضاري، وما يزيد من أهميته أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو من أمر ببنائه وحدد قبلته.

وقد حدد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الساحة التي يبنى عليها الجامع الكبير كما رواه ابن هشام في السيرة "أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر ببناء جامع صنعاء بين الحجر الململم وبين غمدان والحجر الململم هو الحجر المغروز في الصرح الغربي للجامع وقصر غمدان هو القصر المعروف الواقع في الجهة الشرقية وهذه المساحة واقعة في النصف الجنوبي لمدينة صنعاء، والذي كان يسمى تاريخياً "القطيع", وهو يتوسط المدينة الأثرية والأقدم من بين المدن اليمنية صنعاء حاضرة التاريخ وربيبة الحضارة.

تبلغ مساحة الكتلة الخارجية للجامع الكبير بصنعاء 65م ×77 متر وارتفاع الجناحين الشرقي والغربي 10 أمتار بينما ارتفاع الجناحين الشمالي والجنوبي سبعة أمتار تقريباً.

يحتوي الجامع الكبير بصنعاء على منارتين، شرقية وغربية و13 باباً ويبلغ عدد الأسطوانات "الدعائم" 180 إسطوانة تتوزع على 75 في المقدم و 30 في الجناح الشرقي و30 في الجناح الغربي و 45 في مؤخرة الجامع.

ولم يقتصر دور الجامع الكبير عبر مراحل التاريخ على الدور العبادي فحسب, بل كان جامعة إسلامية ومدرسة علمية, تخرج منها كبار الأئمة والعلماء وآلاف الحفاظ والقراء، واستطاع بما يتمتع به من مؤهلات حضارية وفنية ودينية أن يسجل حضوره ومثّل قبلة لمن يزور صنعاء الحضارة والتأريخ.

وحسب المصادر التاريخية تعددت الأسماء التي أطلقت على الجامع الكبير, حيث سمي بمسجد الجماعة والمسجد الجامع, ومسجد صنعاء, والمسجد النبوي الصنعاني, وجامع صنعاء الكبير المقدس, ومسجد الجامع الكبير, ومسجد الجامع, والجامع الكبير.

ويتميز الجامع الكبير بمكتبة تحتوي على نفائس الكتب العلمية وأشهر المخطوطات القيّمة، في التراث الفكري اليمني الغني بالكتب النافعة والمؤلفات الجليلة، وضمت مكتبتا الجامع الكبير الشرقية والغربية نفائس المؤلفات، وجليل الموسوعات في مختلف العلوم والفنون ويقدر عدد المخطوطات الموجودة في المكتبتين بأكثر من 10 آلاف مخطوطة، كما ذكر ذلك الأكوع في كتابه "مصاحف صنعاء"، وتتميز مكتبة الجامع باحتوائها على أندر المخطوطات العالمية، كـ"مصحف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه".